١٤٢٣ - يقول بعضهم في قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} [الفاتحة: ٦]: المؤمن قد هُدِيَ إلى الصراط المستقيم؛ فأيّ فائدة في طلب الهدى؟! ثم يجيب بعضهم بأن المراد ثبتنا على الهدى كما تقول العرب للنائم: نم حتى آتيك، أو يقول بعضهم: ألزم قلوبنا الهدى، فحذف الملزوم، ويقول بعضهم: زدني هدى، وإنما يوردون هذا السؤال؛ لعدم تصورهم الصراط المستقيم الذي يطلب العبد الهداية إليه؛ فإن المراد به العمل بما أمر الله به، وترك ما نهى اللّه عنه في جميع الأمور.
فإن العمل في المستقبل بالعلم لم يحصل بعد، ولا يكون مهتديًا حتى يعمل في المستقبل بالعلم، وقد لا يحصل العلم في المستقبل بل يزول عن القلب، وإن حصل فقد لا يحصل العمل، فالناس كلهم مضطرون إلى هذا الدعاء؛ ولهذا فرضه اللّه عليهم في كل صلاة، فليسوا إلى شيء من الدعاء أحوج منهم إليه، وإذا حصل الهدى إلى الصراط المستقيم حصل النصر والرزق وسائر ما تطلب النفوس من السعادة. [١٠/ ١٠٦ - ١٠٩]