وَإِذَا قَصَدَ الْمُتَكَلِّمُ بِكَلَام لَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ؛ مِثْل مَا لَو تَكَلَّمَ الْعَجَمِيُّ بِلَفْظ وَهُوَ لَا يَفْهَمُ مَعْنَاة: لَمْ يَقَعْ.
وَطَلَاقُ الْهَازِلِ: وَقَعَ لأنَّ قَصْدَ الْمُتَكَلِّمِ الطَّلَاقُ (١) وَإِن لَمْ يَقْصِدْ إيقَاعَهُ.
وَهَذَا لَمْ يَقْصِدْ لَا هَذَا وَلَا هَذَا، وَهُوَ يُشْبِهُ مَا لَو رَأَى امْرَأَةً فَقَالَ: أَنْتِ طَالِق يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً، فَبَانَت امْرَأَتُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ عَلَى الصَّحِيحِ. [٣٣/ ٢٣٩]
* * *
(الْمَسْأَلَةُ السريجية)
٤٦٩٠ - الْمَسْأَلَةُ السريجية بَاطِلَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، مُحْدَثَة لَمْ يُفْتِ بِهَا أَحَدٌ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَلَا تَابِعِيهِمْ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا طَائِفَةٌ مِن الْفُقَهَاءِ بَعْدَ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِم جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ فَإِنَّ مَا قَالَهُ أُولَئِكَ يَظْهَرُ فَسَادُهُ مِن وُجُوهٍ: مِنْهَا أَنَّهُ قَد عُلِمَ بِالاِضْطِرَارِ مِن دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ اللهَ أَبَاحَ الطَّلَاقَ كَمَا أَبَاحَ النِّكَاحَ، وَأَنَّ دِينَ الْمُسْلِمِينَ مُخَالِفٌ لِدِينِ النَّصَارَى الَّذِينَ لَا يُبِيحُونَ الطَّلَاقَ، فَلَو كَانَ فِي دِينِ الْمُسْلِمِينَ مَا يَمْتَنِعُ مَعَهُ الطَّلَاقُ لَصَارَ دِينُ الْمُسْلِمِينَ مِثْل دِينِ النَّصَارَى.
وَشُبْهَةُ هَؤُلَاءِ أَنَّهُم قَالُوا: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَاقًا مُنَجَّزًا: لَزِمَ أَنْ يَقَعَ الْمُعَلَّقُ، وَلَو وَقَعَ الْمُعَلَّقُ يَقَعُ الْمُنَجَّزُ، فَكَانَ وُقُوعُهُ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ وُقُوعِهِ فَلَا يَقَعُ، وَهَذَا خَطَأٌ، فَإنَّ قَوْلَهُم: لَو وَقَعَ الْمُنَجَّزُ لَوَقَعَ الْمُعَلَّقُ إِنَّمَا يَصِحُّ لَو كَانَ التَّعْلِيقُ صَحِيحًا، فَأَمَّا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ بَاطِلًا لَا يَلْزَمُ وُقُوعُ التَّعْلِيقِ، وَالتَّعْلِيقُ بَاطِلٌ.
لَكِنْ إذَا اعْتَقَدَ الْحَالِفُ صِحَّةَ هَذَا الْيَمِينِ بِاجْتِهَاد أَو تَقْلِيدٍ وَطَلَّقَ بَعْدَ ذَلِكَ
(١) في مختصر الفتاوى المصرية (١/ ٤٣٧): لأنه قَصَدَ التكلم بالطلاق .. وهي أوضح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute