للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب بِنَقْلِ مَسْجِدِ الْكوفَةِ إلَى مَكَانٍ آخَرَ، وَصَارَ الْأَوَّلُ سُوقَ التَّمَارِينِ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ، لَا لِأَجْلِ تَعَطُّلِ مَنْفَعَةِ تِلْكَ الْمَسَاجِدِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَطَّلْ نَفْعُهَا بَل مَا زَالَ بَاقِيًا.

فَصْلٌ

وَإِذَا كَانَ يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْمَوْقُوفِ الَّذِي يُوقَفُ لِلِانْتِفَاعِ بِعَيْنِهِ وَعَيْنُهُ مُحْتَرَمَةٌ شَرْعًا: يَجُوز أَنْ يُبْدلَ بِهِ غَيْرة لِلْمَصْلَحَةِ -لِكَوْنِ الْبَدَلِ أَنْفَع وَأصْلَحَ وَإِن لَمْ تَتَعَطَّلْ مَنْفَعَتُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَيَعُودُ الْأَوَّلُ طِلْقًا، مَعَ أَنَّهُ مَعَ تَعَطُّلِ نَفْعِهِ بِالْكُلِّيَّةِ: هَل يَجُوزُ بَيْعُهُ؟ عَنْهُ فِيهِ رِوَايَتَانِ- فَلَأَنْ يَجُوزُ الْإِبْدَالُ بِالْأَصْلَحِ وَالْأَنْفَعِ فِيمَا يُوقَفُ لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْلَى وَأَحْرَى؛ فَإِنَّهُ عِنْدَهُ يَجُوزُ بَيْعُ مَا يُوقَفُ لِلِاسْتِغْلَالِ لِلْحَاجَةِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَفِي بَيْعِ الْمَسْجِدِ لِلْحَاجَةِ رِوَايَتَانِ.

فَإِذَا جُوِّزَ عَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ أَنْ يُجْعَلَ الْمَسْجِدُ الْأَوَّلُ طِلْقًا وَيُوقَفُ مَسْجِدٌ بَدَلَهُ لِلْمَصْلَحَةِ وَإِن لَمْ تَتَعَطَّلْ مَنْفَعَة الْأَوَّلِ: فَلَأَنْ يَجُوزَ أَنْ يَجْعَلَ الْمَوْقُوفُ لِلِاسْتِغْلَالِ طِلْقًا وَيُوقِفَ بَدَلَهُ أَصْلَحُ مِنْهُ وَإِن لَمْ تتعَطَّلْ مَنْفَعَةُ الْأَوَّلِ أَحْرَى.

فَصْلٌ

قَد نَصَّ أَحْمَد عَلَى أَبْلَغَ مِن ذَلِكَ -وَهُوَ وَقْفُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا مَعَ إبْدَالِ عَيْنِهِ (١) - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي "الشَّافِي": نَقَلَ الميموني عَن أَحْمَد: أَنَّ الدَّرَاهِمَ إذَا كَانَت مَوْقُوفَةً عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ فَفِيهَا الصَّدَقَةُ، وَإِذَا كَانَت عَلَى الْمَسَاكِينِ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ.


(١) جاء في الاختيارات (ص ٢٤٧): ولو قال الإنسان: تصدقت بهذا الدهن على هذا المسجد ليُوقد فيه جاز، وهو من باب الوقف، وتسميته وقفًا بمعنى أنه وقف على تلك الجهة لا ينتفع به في غيرها لا تأباه اللغة، وهو جائز في الشرع. اهـ.
قال العلَّامة ابن عثيمين في الحاشية: وكلام الشبخ في هذا صريح في جواز وقف ما لا يُنتفع به إلا مع ذهاب عينِه، والمذهب عدم صحته إلا في الماء، لكن ما ذهب إليه الشيخ أظهر، ولا فرق بين الماء وغيرِه. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>