للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الرَّابع: أَنَّهُ مَخْلُوق بِيَدَي اللهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥]. [١٥/ ٥ - ٦]

* * *

[سورة الزمر]

١٥٦١ - قَالَ تَعَالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: ١٨] الْمُرَادُ بِالْقَوْلِ الْقُرْآنُ، كَمَا فَسَّرَهُ بِذَلِكَ سَلَفُ الْأمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨)} [المؤمنون: ٦٨] وَاللَّامُ لِتَعْرِيفِ الْقَوْلِ الْمَعْهُودِ؛ فَإنَّ السُّورَةَ كُلَّهَا إنَّمَا تَضَمَّنَتْ مَدْحَ الْقُرْآنِ وَاسْتِمَاعَهُ.

وَهُنَا سُؤَالٌ مَشْهُورٌ وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}، فَقَد قَسَّمَ الْقَوْلَ إلَى حَسَنٍ وَأَحْسَنَ، وَالْقُرْآنُ كلُّهُ مُتَّبَع، وَهَذَا حُجَّتُهُمْ، فَيُقَالُ: الْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: الْقُرْآنُ تَضَمَّنَ خَبَرًا وَأَمْرًا، فَالْخَبَرُ عَن الْأبْرَارِ وَالْمُقَرَّبِينَ، وَعَن الْكُفَّارِ وَالْفُجَّارِ، فَلَا ريبَ أَنَّ اتِّباعَ الصِّنْفَيْنِ حَسَن، وَاتِّباعَ الْمُقَرَّبِينَ أَحْسَنُ، وَالْأَمْرُ يَتَضَمَّنُ الْأَمْرَ بِالْوَاجِبَاتِ والمستحبات، وَلَا ريبَ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى فِعْلِ الْوَاجِبَاتِ حَسَن، وَفِعْلُ الْمُسْتَحَبَّاتِ مَعَهَا أَحْسَنُ، وَمَن اتَّبَعَ الْأَحْسَنَ فَاقْتَدَى بِالْمُقَرَّبِينَ وَتَقَرَّبَ إلَى اللهِ بِالنَّوَافِلِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ كَانَ أَحَقَّ بِالْبُشْرَى. [١٦/ ٥ - ٧]

١٥٦٢ - قوله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣)} [الزمر: ٥٣] ذَكَرْنَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي حَقِّ التَّائِبِينَ، وَأَمَّا آيتَا النِّسَاءِ قَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي حَقِّ التَّائِبِينَ.

والْقُنُوطُ يَكُونُ بِأنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ لَهُ:

أ - إمَّا لِكوْنِهِ إذَا تَابَ لَا يَقْبَلُ اللهُ تَوْبَتَهُ وَيَغْفِرُ ذُنُوبَهُ.

ب- وَإِمَّا بِأنْ يَقُولَ: نَفْسُهُ لَا تُطَاوِعُهُ عَلَى التَّوبَةِ؛ بَل هُوَ مَغْلُوبٌ مَعَهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>