للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَمَّا الرضى بِهَا فَهُوَ مَشْرُوعٌ، لَكِنْ هَل هُوَ وَاجِبٌ أَو مُسْتَحَبٌّ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِأَصْحَابِ أَحْمَد وَغَيْرِهِمْ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لَيْسَ بِوَاجِبِ.

وَمِن الْمَعْلُومِ أَنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ: الْحُبُّ فِي اللهِ وَالْبُغْضُ فِي اللهِ، وَقَد أَمَرَنَا اللهُ أَنْ نَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَنُحِبَّهُ وَنَرْضَاهُ وَنُحِبَّ أَهْلَهُ، وَنَنْهَى عَن الْمُنْكَرِ وَنُبْغِضَة وَنَسْخَطَهُ وَنُبْغِضَ أَهْلَهُ وَنُجَاهِدَهُم بِأَيْدِينَا وَأَلْسِنَتِنَا وَقُلُوبِنَا، فَكَيْفَ نَتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَخْلُوقَاتِ مَا نُبْغِضُهُ وَنَكْرَهُهُ، وَقَد قَالَ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ مَا ذَكَرَ مِن الْمَنْهِيَّاتِ: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (٣٨)} [الإسراء: ٣٨]؟. [٨/ ١٩٠ - ١٩١]

* * *

(إذَا جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}؟)

٦٠٥ - قَوْلُهُ [أي: السائل]: إذَا جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠]؟ وَإِن كَانَ الدُّعَاءُ أَيْضًا مِمَّا هُوَ كَائِنٌ فَمَا فَائِدَةُ الْأَحْمرِ بِهِ وَلَا بُدَّ مِن وُقُوعِهِ؟

فَيُقَالُ: الدُّعَاءُ فِي اقْتِضَائِهِ الْإِجَابَةَ: كَسَائِرِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي اقْتِضَائِهَا الْإِثَابَةَ، وَكَسَائِرِ الْأَسْبَابِ فِي اقْتِضَائِهَا الْمُسَبَّبَاتِ.

وَمَن قَالَ: إنَّ الدُّعَاءَ عَلَامَةٌ وَدَلَالَةٌ مَحْضَةٌ عَلَى حُصُولِ الْمَطْلُوبِ الْمَسْؤُولِ، لَيْسَ بِسَبَب، أَو هُوَ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ لَا أَثَرَ لَهُ فِي حُصُولِ الْمَطْلُوبِ وُجُودًا وَلَا عَدَمًا؛ بَل مَا يَحْصُلُ بِالدُّعَاءِ يَحْصُلُ بِدُونِهِ: فَهُمَا قَوْلَانِ ضَعِيفَانِ؛ فَإِنَّ اللهَ عَلَّقَ الْإِجَابَةَ بِهِ تَعْلِيقَ الْمُسَبَّبِ بِالسَّبَبِ؛ كقَوْلِهِ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَإِن كَانَ الدُّعَاءُ مِمَّا هُوَ كَائِنٌ فَمَا فَائِدَةُ الْأَمْرِ بِهِ وَلَا بُدَّ مِن وُقُوعِهِ؟

فَيُقَالُ: الدُّعَاءُ الْمَأْمُورُ بِهِ لَا يَجِبُ كَوْنًا؛ بَل إذَا أَمَرَ اللهُ الْعِبَادَ بِالدُّعَاءِ فَمِنْهُم مَن يُطِيعُهُ فَيُسْتَجَابُ لَهُ دُعَاؤُهُ، وَيَنَالُ طُلْبَتَهُ، وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَعْلُومَ

<<  <  ج: ص:  >  >>