(لَفْظُ "الْإِيمَانِ": أكْثَرُ مَا يذْكَرُ فِي الْقُرآنِ مُقَيَّدًا)
٥٢٨ - لَفْظُ "الْإِيمَانِ": أَكْثَرُ مَا يُذْكَرُ فِي الْقُرْآنِ مُقَيَّدًا، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ اللَّفْظُ مُتَنَاوِلًا لِجَمِيعِ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ؛ بَل يُجْعَلُ مُوجِبًا لِلَوَازِمِهِ، وَتَمَامِ مَا أَمَرَ بِهِ، وَحِينَئِذٍ يَتَنَاوَلهُ الِاسْمُ الْمُطْلَقُ؛ قَالَ تَعَالَى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (٧) وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨)} [الحديد: ٧، ٨].
وَقَالَ تَعَالَى فِي آخِرِ السُّورَةِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨)} [الحديد: ٢٨].
وَقَد قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى: إنَّهَا خِطَابٌ لِقُرَيْش، وَفِي الثَّانِيَةِ: إنَّهَا خِطَابٌ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَقُلْ قَطُّ لِلْكُفَّارِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [المجادلة: ٩]. [٧/ ٢٣٠]
* * *
(مَن عَرَفَ الْقُرآنَ وَالسُّنَنَ وَمَعَانِيَهَا لَزِمَهُ مِن الْإِيمَانِ الْمُفَصَّلِ بذَلِكَ مَا لَا يَلْزَمُ غَيْرَهُ)
٥٢٩ - لَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ مِن الْإِيمَانِ الْمُفَصَّلِ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ مَا يَجِبُ عَلَى مَن بَلَغَهُ غَيْرُهُ، فَمَن عَرَفَ الْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ وَمَعَانِيَهَا لَزِمَهُ مِن الْإِيمَانِ الْمُفَصَّلِ بِذَلِكَ مَا لَا يَلْزَمُ غَيْرَهُ، وَلَو آمَنَ الرَّجُلُ بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ شَرَائِعَ الدِّينِ مَاتَ مُؤْمِنًا بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِن الْإِيمَانِ، وَلَيْسَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَلَا مَا وَقَعَ عَنْهُ مِثْل إيمَانِ مَن عَرَفَ الشَّرَائِعَ فَآمَنَ بِهَا وَعَمِلَ بِهَا؛ بَل إيمَانُ هَذَا أَكْمَلُ وُجُوبًا وَوُقُوعًا؛ فَإِنَّ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِن الْإِيمَانِ أَكْمَلُ، وَمَا وَقَعَ مِنْهُ أَكْمَلُ. [٧/ ٢٣٢]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute