للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَصلٌ

وَالتَّكْبِيرُ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَكِنْ تَنَازَعُوا فِي التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيم عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالِ:

فَرُوِيَ عَن أَنَسٍ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ: أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا تَشَهُّدٌ وَلَا تَسْلِيمٌ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ فِيهِمَا تَشَهُّدًا يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ إذَا سَجَدَهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ.

وَالثَّالِثُ: فِيهِمَا تَسْلِيمٌ بِغَيْرِ تَشَهُّدٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سِيرِين.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: التَّسْلِيمُ فِيهِمَا ثَابِتٌ مِن غَيْرِ وَجْهٍ، وَفِي ثُبُوتِ التَّشَهُّدِ نَظَرٌ.

قُلْت: أَمَّا التَّسْلِيمُ فِيهِمَا فَهُوَ ثَابِتٌ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَحَدِيثِ عِمْرَانَ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَاتَيْنِ وَبَيْنَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ: أَنَّ هَاتَيْنِ صَلَاةٌ، وَأَنَّهُمَا سَجْدَتَانِ، وَقَد أُقِيمَتَا مَقَامَ رَكعَةٍ وَجُعِلَتَا جَابِرَتَيْنِ لِنَقْصِ الصَّلَاةِ، فَجُعِلَ لَهُمَا تَحْلِيلٌ كَمَا لَهُمَا تَحْرِيمٌ، وَهَذِهِ هِيَ الصَّلَاةُ، كَمَا قَالَ: "مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التسْلِيمُ" (١).

وَأَمَّا "سُجُودُ التِّلَاوَةِ" فَهُوَ خُضُوعٌ للهِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ يَسْجُدُونَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ.

وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ بِدَاخِل فِي مُسَمَّى الصَّلَاةِ، وَلَكِنْ سَجْدَتَا السّهو (٢) يُشْبِهَانِ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ، فَإِنَّهَا قِيَامٌ مُجَرَّدٌ، لَكِنْ هِيَ صَلَاةٌ فِيهَا تَحْرِيمٌ وَتَحْلِيلٌ؛ وَلهَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ يَتَطَهَّرُونَ لَهَا.

وَهِيَ كَسَجْدَتَي السَّهْوِ يُشْتَرَطُ لَهَا اسْتِقْبَالُ الْكَعْبَةِ وَالِاصْطِفَافُ، كَمَا فِي


(١) رواه أبو داود (٦١، ٦١٨)، والترمذي (٣)، وصحَّحه الألباني في صحيح أبي داود (٦١٨).
(٢) في الأصل: (السُّجُودِ)، وهو كذلك في جميع النسخ! ولعل الصواب الْمُثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>