للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِنَّهُم لَمْ يَصِفُوا وَلَمْ يُفَسِّرُوا، وَلَكِنْ آمَنُوا بِمَا فِي الْكتَابِ وَالسُّنَّةِ ثُمَّ سَكَتُوا، فَمَن قَالَ بِقَوْلِ جَهْمٍ فَقَد فَارَقَ الْجَمَاعَةَ". انْتَهَى.

فَانْظُرْ -رَحِمَك اللهُ- إلَى هَذَا الْإِمَامِ كَيْفَ حَكَى الْإِجْمَاعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَا خَيْرَ فِيمَا خَرَجَ عَن إجْمَاعِهِمْ. [٤/ ١ - ٥]

* * *

(كلام استحسنه الشيخ لعَبْدِ الْعَريزِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ)

٣٤٤ - مَا أَحْسَنَ مَا جَاءَ عَن عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ: عَلَيْك بِلُزُومِ السُّنَّةِ؛ فَإِنَّهَا لَك بإِذْنِ اللهِ عِصْمَةٌ؛ فَإِنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا جُعِلَتْ لِيُسْتَنَّ بِهَا وَيُقْتَصَرَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا سَنَّهَاَ (١) مَن قَد عَلِمَ مَا فِي خِلَافِهَا مِن الزَّلَلِ وَالْخَطَأ وَالْحُمْقِ وَالتَّعَمُّقِ.

فَارْضَ لِنَفْسِك بمَا رَضُوا بِهِ لِأَنْفُسِهِمْ (٢)؛ فَإِنَّهُم عَن عِلْمٍ وَقَفُوا (٣)، وَبِبَصَرٍ نَافِذٍ كَفُّوا (٤)، وَلَهُمْ (٥) كَانُوا عَلَى كَشْفِهَا (٦) أَقْوَى، وَبِتَفْصِيلِهَا لَو كَانَ فِيهَا أَحْرَى.

وَإِنَّهُم لَهُم السَّابِقُونَ، وَقَد بَلَغَفم عَن نَبِيِّهِمْ مَا يَجْرِي مِن الِاخْتِلَافِ بَعْدَ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ، فَلَئِنْ كَانَ الْهُدَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ لَقَد سَبَقْتُمُوهُم إلَيْهِ، وَلَئِنْ قُلْتُمْ حَدَثَ حَدَثٌ بَعْدَهُم فَمَا أَحْدَثَهُ إلَّا مَن اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ، وَرَغِبَ بِنَفْسِهِ عَنْهُمْ،


(١) وهو النبي -صلى الله عليه وسلم-.
(٢) أي: ارض لنفسك أن تسلك في كل باب من أبواب الدين والشريعة ما قد رضيه أسلاف هذه الأمة لأنفسهم.
(٣) فكما أن الكلام يكون علمًا كذلك السكوت يكون علمًا، فسكوتهم كان عن علم، وليس قصورًا وجهلًا، فلا تُحدث في الدين أمورًا لم يتكلموا فيها؛ فتكون بذلك قد جهَّلتهم وسفهتهم.
(٤) كفوا وامتنعوا عن الخوض في هذه المسائل ببصيرةٍ نافذة.
(٥) اللام موطئة للقسم؛ كأنه قال: والله لهم.
(٦) أي: السُّنَّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>