للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال كذلك (٢٠/ ٥١٢): بَيْع الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ عَامٌّ وَلَا إجْمَاعٌ، وَإِنَّمَا وَرَدَ النَّهْيُ عَن بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ، وَالْكَالِئُ هُوَ الْمُؤَخَّرُ الَّذِي لَمْ يُقْبَضْ بِالْمُؤَخَّرِ الَّذِي لَمْ يُقْبَضْ، وَهَذَا كَمَا لَو أَسْلَمَ شَيْئًا فِي شَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ وَكِلَاهُمَا مُؤَخَّرٌ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ، وَهُوَ بَيْعُ كَالِئٍ بِكَالِئ.

وقال في موضع آخر (٢٩/ ٤٧٢): نَهَى -صلى الله عليه وسلم- "عَن بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ"، وَهُوَ الْمُؤَخَّرُ بِالْمُؤَخَّرِ، وَلَمْ يَنْهَ عَن بَيْعِ دَيْنٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ يَسْقُطُ إذَا بِيعَ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ يَسْقُطُ؛ فَإِنَّ هَذَا الثَّانِيَ يَقْتَضِي تَفْرِيغَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الذِّمَّتَيْنِ وَلهَذَا كَانَ هَذَا جَائِزًا فِي أَظْهَرِ قَوْلَي الْعُلَمَاءِ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمَا.

٨ - هل يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَن دَيْنِ السَّلَمِ بِغَيْرِهِ؟

جاء في "مجموع الفتاوى" (٥٠٣ - ٥١٧): سُئِلَ: عَن رَجُلٍ أَسْلَفَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فِي رِطْلِ حَرِير إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، ثُمَّ جَاءَ الْأَجَلُ فَتَعَذَّرَ الْحَرِيرُ، فَهَل يَخوزُ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ الْحَرِيرِ أَو يَأْخُذَ عِوَضَهُ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ؟

فَأَجَابَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا رِوَايَتَانِ عَن الْإِمَامِ أَحْمَد:

إحْدَاهُمَا: لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَن دَيْنِ السَّلَمِ بِغَيْرِهِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ -صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ قَالَ: "مَن أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْهُ إلَى غَيْرِهِ"، وَهَذ الرِّوَايَةُ هِيَ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا الخرقي وَغَيْرُهُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ دَيْنِ السَّلَمِ، وَفِي الْمَبِيعِ مِن الْأَعْيَانِ وَهوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَقَد نَصَّ أَحْمَد عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَجَعَلَ دَيْنَ السَّلَمِ كَغَيْرِهِ مِن الْمَبِيعَاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>