للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[معنى حديث القلتين]

٢٢٢٦ - في حديث القلتين: أنه -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الماء يكون بأرض الفلاة وما ينوبه من السباع والدواب؟ فقال: "إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث" (١) وفي لفظ: "لم ينجسه شيء" (٢).

إذا صح: فمنطوقه موافق لغيره، وهو أن الماء إذا بلغ قلتين لم ينجسه شيء.

وأما مفهومه: إذا قلنا بدلالة مفهوم العدد فإنما يدل على أن الحكم في المسكوت عنه مخالف للحكم في المنطوق بوجه من الوجوه؛ لتظهر فائدة التخصيص بالقدر المعين، ولا يشترط أن يكون الحكم في كل صورة من صور المسكوت عنه مناقضة للحكم في كل صورة من صور المنطوق، وهذا مفهوم قولهم: المفهوم لا عموم له، فلا يلزم أن يكون كل ما لم يبلغ القلتين ينجس؛ بل إذا قيل بالمخالفة في بعض الصور حصل المقصود، والمقدار الكثير لا يغيره ورود ما ورد عليه في العادة، بخلاف القليل فإنه قد يغيره.

ونكتة الجواب: أن كونه يحمل الخبث أو لا يحمله أمر حسي يعرف بالحس، فإذا كان الخبث موجودًا فيه كان محمولًا، وإن كان مستهلكًا لم يكن محمولًا، فإذا علم كثرة الماء وضعف الملاقي علم أنه لا يحمل الخبث.

والدليل على هذا اتفاقهم على أن الكثير إذا تغير ريحه حمل الخبث، فصار قوله: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث" و "لم ينجسه شيء" (٣)؛ كقوله: "الماء طهور لا ينجسه شيء" (٤) وهو إنما أراد إذا لم يتغير في الموضعين، وأما إذا كان قليلًا فقد يحمل الخبث لضعفه.


(١) رواه أبو داود (٦٣)، والترمذي (٦٧)، والنسائي (٥٢)، والدارمي (٥٧٩)، وأحمد (٤٦٠٥)، وصحَّحه الألباني في صحيح أبي داود.
(٢) رواه الترمذي (٦٧)، وابن ماجه (٥١٧)، وصحَّحه الألباني في صحيح الترمذي.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>