لم يرد بقوله:{نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} فضيلة الناسخ على المنسوخ؛ لأن القرآن كله متساو في الفضيلة، فعلم أنه أراد الأخف، فلم يمنع القاضي ذلك؛ بل قال: الخير ما كان أنفع: إما بزيادة الثواب مع المشقة، وإما بكثرة انتفاع المغير به، فإنه سبب لزيادة الثواب.
قال شيخنا: قلت: بقي القول الثالث -وهو الحق- التفاضل الحقيقي كما نطقت به النصوص الصحيحة الصريحة. [المستدرك ٢/ ٢٧ - ٢٨]
* * *
[نسخ التلاوة ونسخ الحكم]
١٩٢٧ - ذكر القاضي في ضمن مسألة نسخ القرآن بالسُّنَّة أن الخلاف في نسخ تلاوته بأن يقول النبي: لا تقرؤوا هذه الآية فتصير تلاوتها منسوخة بالسُّنَّة، وفي نسخ حكمه مع بقاء تلاوته، وأن المجيز يجيزهما جميعًا، وجعل نسخ التلاوة أعظم من نسخ الحكم؛ فإنه منعهما جميعًا.
قال شيخنا: قلت: إذا قال الرسول: "هذه الآية قد رفعها الله " فهو تبليغ منه لارتفاعها كإخباره بنزولها، فلا ينبغي أن يمنع من هذا وإن منع من نسخ الحكم، فيكون الأمر على ضد ما يتوهم فيما ذكره القاضي. [المستدرك ٢/ ٢٨]
* * *
(هل السُّنَّة تنسخ القرآن؟)
١٩٢٨ - قال شيخنا: قال ابن أبي موسى: والسُّنَّة لا تنسخ القرآن عندنا، ولكنها تخص وتبين.
وقد روي عنه رواية أخرى: أن القرآن ينسخ بالمتواتر من السُّنَّة.
قال شيخنا: حكى محمد بن بركات النحوي في كتاب الناسخ والمنسوخ أن بعضهم جوَّز نسخ القرآن بالإجماع، وبعضهم جوَّزه بالقياس قال: وهذا يجوز أنْ يكون مناقضًا.