ومع أنه ذكر أنه سيشير إلى الجواب مجرد إشارة لا بسط، إلا أنه كعادته لم يتحكم في قلمه، ولم يستطع إيقاف يده، فخطت أناملُه مائةً وتسعين صفحة!! فرحمه الله ذلك العالِمَ النجيب، ذا الفهم والعلم العجيب، فكم كان يمتلك من العلوم العظيمة، والمعارف الواسعة. وإني أجزم لو أنَّ عالِمًا غيره وخاصةً في العصر الحاضر سُئل نفس السؤال لَمَا تجاوز في الإجابة عدة ورقات، وليس هذا نقصًا في العالم، بل هو المتبادر والمتوقع؛ فيكفي الجوابُ تقريرَ الصواب، وإن أطال فأشار إلى المذاهب الباطلة على جهة الاختصار فذاك نفلٌ وزيادة. ولكن الشيخ خرج عن هذا المعهود، وهذا فضل الله يُؤتيه من يشاء. (٢) قد تدعي كل فرقةٍ أنها هي المؤمنة، ومن تبع غير سبيلهم دخل في الوعيد. فيُجاب عن ذلك بما ذكره الشيخ بأنّ هذه الآية: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة: ١٠٠]: بيّنت من هم المؤمنون المرضيُّ عنهم، وهم السابقون من الصحابة ومن تبع هديهم، واقتفى أثرهم.