للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كتَابُ الْمَنْطِقِ (١)

(فوائد من جواب الشيخ لسائلٍ عن المنطق وحُكم تعلمه)

٦٤٦ - أَمَّا الْمَنْطِقُ: فَمَن قَالَ: إنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَأنَّ مَن لَيْسَ لَهُ بِهِ خِبْرَةٌ


(١) المنطق: هو قواعد للتفكير، وقوانين يزعم واضعوها أنها منطقية، وتعصم الذهن من الزلل. فالمقصد منه: وضع القوانين الموافقة للعقل حتى يتميز الخطأ من الصواب.
فهو بهذا لا يختص في باب العقيدة؛ ولهذا أدخله بعضهم كالغزالي في أصول الفقه، وأُدخل في البلاغة، وأُدخل في النحو.
قال شيخ الإسلام رحمهُ اللهُ: الْكَلَامُ فِي الْمَنْطِقِ: إنَّمَا وَقَعَ لَمَّا زَعَمُوا أنَّهُ آلَةٌ قَانُونِيَّةٌ تَعْصِمُ مُرَاعَاتُهَا الذِّهْنَ أَنْ يَزَلَّ فِي فِكْرِهِ. اهـ. (٩/ ١٩٤).
وقال أيضًا: فَإِنَّ مَوْضُوعَ الْمَنْطِقِ: هُوَ الْمَعْقُولَاتُ مِن حَيْثُ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى عِلْم مَا لَمْ يُعْلَمْ. اهـ. (٩/ ١٧١ - ١٧٢).
أما الفلسفة: فهي بذل للجهد في سبيل المعرفة الخالصة والحقيقة أيًّا كانت هذه المعرفة سواء كانت طبيعية أو رياضية، أو غير ذلك.
فهو محاولة لمعرفة الطبيعة، أو الرياضيات، أو الأخلاق أو غير ذلك.
وأما علم الكلام: فهو علمٌ للحجاج والجدال عن العقائد الدينية بالأدلة العقلية، وهو بهذا لا يتقيد بقواعد علم المنطق.
فهو يحاول الدفاع عن الحقيقة الدينية فقط، فلا يدخل في الطبيعة، أو الرياضيات، أو الأخلاق.
وأما سبب ضلال من دخل في علمٍ الفلسفة والمنطق وعلم الكلام فهو اعتمادهم على هذه العلوم اعتمادًا كليًّا، وجعلها حاكمةً على غيرِها من العلوم الشرعية وغيرِها.
وقد نص على ذلك شيخ الإسلام رحمهُ اللهُ فقال: إنَّ فِي الْقُرْآنِ وَالْحِكْمَةِ النَّبَوِيَّةِ عَامَّةَ أصُولِ الدِّينِ مِن الْمَسَائِلِ وَالدَّلَائِلِ، الَّتِي تَسْتَحِقُّ أَنْ تَكُونَ أُصُولَ الدِّينِ.
وَأمَّا مَا يُدْخِلُهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا الْمُسَمَّى مِن الْبَاطِلِ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِن أُصُولِ الدِّين ..
وَهَذَا التَّقْسِيمُ يُنَبِّهُ أَيْضًا عَلَى مُرَادِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ بِذَمِّ الْكَلَامِ وَأَهْلِهِ؛ إذ ذَلِكَ يَتَنَاوَلُ لِمَن اسْتَدَلَّ بِالْأَدِلَّةِ الْفَاسِدَةِ، أو اسْتَدَلَّ عَلَى الْمَقَالَاتِ الْبَاطِلَةِ.
فَأَمَّا مَن قَالَ الْحَقَّ الَّذِي أذِنَ اللهُ فِيهِ حُكمًا وَدَلِيلًا: فَهُوَ مِن أهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ، وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>