للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ميراث أهل الملل]

٤٢٣٤ - قال ابن القيم -رحمه الله-: وأما توريث المسلم من الكافر فاختلف فيه السلف، فذهب كثير منهم إلى أنه لا يرث، كما لا يرث الكافر المسلم، وهذا هو المعروف عن الأئمة الأربعة وأتباعهم.

وقالت طائفة منهم: بل يرث المسلم الكافر دون العكس، وهذا قول معاذ بن جبل، ومعاوية بن أبي سفيان، ومحمد ابن الحنفية، ومحمد بن علي بن الحسين، وسعيد بن المسيب، ومسروق بن الأجدع، وعبد الله بن مغفل، ويحيى بن يعمر، وإسحاق بن راهويه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، قالوا: نرثهم ولا يرثوننا، كما ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءَنا (١).

قال شيخنا: وقد ثبت بالسُّنَّة المتواترة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُجري الزنادقة المنافقين في الأحكام الظاهرة مجرى المسلمين فيرثون ويورَثون.

وأما أهل الذمة فمن قال بقول معاذ ومعاوية ومن وافقهما يقول: قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يرث المسلم الكافر" (٢) المراد به: الحربي، لا المنافق ولا المرتد ولا الذمي، [ولا ريب أن حمل قوله: "لا يرث المسلم الكافر" على الحربي أولى، وأقرب محملًا، فإن في توريث المسلمين منهم ترغيبا في الإسلام لمن أراد الدخول فيه من أهل الذمة، فإن كثيرًا منهم يمنعهم من الدخول في الإسلام خوف أن يموت أقاربهم، ولهم أموال فلا يرثون منهم شيئًا.

وقد سمعنا ذلك منهم من غير واحد منهم شفاهًا، فإذا علم أن إسلامه لا يسقط ميراثه ضعف المانع من الإسلام وصارت رغبته فيه قوية، وهذا وحده كافٍ في التخصيص، وهم يخصون العموم بما هو دون ذلك بكثير، فإن هذه


(١) في الأصل: (نسائنا)، والتصويب من أحكام أهل الذمة لابن القيم (٢/ ٨٥٣).
(٢) رواه البخاري (٦٧٦٤)، ومسلم (١٦١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>