وَتَخْلِيَةُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ: الْمَنَافِعُ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُم بِجَوَازِ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْبَيْعِ، فَعَن أَحْمَدَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَا دَامَ مَضْمُونًا عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَمْ يُقْبَضْ فَلَا يَجُوزُ، وَعَلَى هَذَا يُمْنَعُ الْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ التَّصَرُّفُ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنَافِعِ الْإِجَارَةِ بِأَنَّهَا لَو تَلِفَتْ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ كَانَت مِن ضَمَانِ الْمُؤَجِّرِ بِالِاتِّفَاقِ، وَمَعَ هَذَا فَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهَا قَبْلَ الْقَبْضِ.
وَعَلَى هَذَا فَعِنْدَنَا لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ جَوَازِ التَّصَرُّفِ وَالضَّمَانِ (١).
فَصْلٌ
وَالْجَوَائِحُ مَوْضُوعَةٌ فِي جَمِيعِ الشَّجَرِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ.
هَذَا إذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ وَالزَّرْعَ، فَإِن اشْتَرَى الْأَصْلَ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرِ أَو قَبْلَ التَّأْبِيرِ، وَاشْتَرَطَ الثَّمَرَ فَلَا جَائِحَةَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمَا.
وَذَلِكَ لِأَنَّهُ هُنَا حَصَلَ الْقَبْضُ الْكَامِلُ بِقَبْضِ الْأَصْلِ؛ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ سَقْيٌ وَلَا مَئُونَةٌ أَصْلًا؛ فَإِنَّ الْمَبِيع عَقَارٌ، وَالْعَقَارُ قُبِضَ بِالتَّخْلِيَةِ، وَالثَّمَرُ دَخَلَ ضِمْنًا وَتَبَعًا، فَإِذَا جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ صَلَاحِهِ جَازَ هُنَا تَبَعًا، وَلَو بِيعَ مَقْصُودًا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ قَبْلَ صَلَاحِهِ.
هَذَا الْكَلَامُ فِي الْبَيْعِ الْمَحْضِ لِلثَّمَرِ وَالزَّرْعِ.
وَأَمَّا الضَّمَان وَالْقَبَالَةُ، وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ الْأَرْضَ وَالشَّجَرَ جَمِيعًا بِعِوَضٍ
(١) وهو الذي رجحه الشيخ وقال: وَأصُولُ الشَّرِيعَةِ تُوَافِقُ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ. (٢٩/ ٤٠١)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute