فَبَيَّنَ اللهُ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْحَسَنَةَ مِن اللهِ يُنْعِمُ بِهَا عَلَيْهِمْ، وَأَنَّ السَّيِّئَةَ إنَّمَا تُصِيبُهُم بِذُنُوبِهِمْ؛ وَلهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣)} [الأنفال: ٣٣].
فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يُعَذِّبُ مُسْتَغْفِرًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ يَمْحُو الذَّنْبَ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْعَذَابِ فَيَنْدَفِعُ الْعَذَابُ.
لِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ -رضي الله عنه-: لَا يَخَافَنَّ عَبْدٌ إلَّا ذَنْبَهُ.
وَإِن سُلِّطَ عَلَيْهِ مَخْلُوقٌ فَمَا سُلِّطَ عَلَيْهِ إلَّا بِذُنُوبِهِ، فَلْيَخَف اللهَ وَلْيَتُبْ مِن ذُنُوبِهِ الَّتِي نَالَهُ بِهَا مَا نَالَهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَا يَرْجُوَنَّ عَبْدٌ إلَّا رَبَّهُ؛ فَإِنَّ الرَّاجِيَ يَطْلُبُ حُصُولَ الْخَيْرِ وَدَفْعَ الشَّرِّ، وَلَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إلَّا اللهُ، وَلَا يُذْهِبُ السَّيِّئَاتِ إلَّا اللهُ. [٨/ ١٦١ - ١٦٤]
* * *
(لا يجوز التعلق بالأسباب، ونسيان مُسببها)
٦٠٢ - لَو كَانَ شَيْءٌ مِن الْأَسْبَابِ مُسْتَقِلًّا بِالْمَطْلُوبِ فَإِنَّهُ لَو قُدِّرَ مُسْتَقِلًّا بِالْمَطْلُوبِ -وَإِنَّمَا يَكُونُ بِمَشِيئَةِ اللهِ وَتَيْسِيرِهِ-: لَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ لَا يُرْجَى إلَّا اللهُ، وَلَا يُتَوَكَّلَ إلا عَلَيْهِ، وَلَا يُسْأَلَ إلَّا هُوَ، وَلَا يُسْتَعَانَ إلَّا بِهِ، وَلَا يُسْتَغَاثَ إلَّا هُوَ، فَلَهُ الْحَمْدُ وَإِلَيْهِ الْمُشْتَكَى، وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ، وَهُوَ الْمُسْتَغَاثُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِهِ.
فَكَيْفَ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِن الْأَسْبَابِ مُسْتَقِلًّا بِمَطْلُوب!
بَل لَا بُدَّ مِن انْضِمَامِ أَسْبَابٍ أُخَرَ إلَيْهِ.
وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِن صَرْفِ الْمَوَانِعِ وَالْمُعَارَضَاتِ عَنْهُ حَتَّى يَحْصُلَ الْمَقْصُودُ.
= عن المنكر عندما نُصاب بمصيبةٍ أو يحدث خطأٌ من بعض المتحمسين أو المجتهدين، فينسبون كل شر وضرر وخطأ لأهل الخير والدعاة وحِلق القرآن.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute