للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِن غَيْرِ خَصْمٍ حِفْظُ الْحَقِّ الْمَجْحُودِ عَن خَصْمٍ مُقَدَّرٍ وَهَذَا أَحَدُ مَقْصُودَي الْقَضَاءِ فَلِذَلِكَ يُسْمَعُ ذَلِكَ. [٣٥/ ٣٥٥ - ٣٥٦]

* * *

[وجوب تحكيم شرع الله، وقتال من خرج عنه]

٥٠١٤ - عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ أَنْ يُحَكمُوا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- خَاتَمَ النَّبِيِّينَ، وَأَفْضَلَ الْمُرْسَلِينَ، وَأَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَى اللهِ، لَيْسَ لِأَحَد أَنْ يَخْرُجَ عَن حُكْمِهِ فِي شَيْءٍ، سَوَاءٌ كَانَ مِن الْعُلَمَاءِ أَو الْمُلُوكِ أَو الشُّيُوخِ أَو غَيْرِهِمْ.

وَلَو أَدْرَكَهُ مُوسَى أَو عِيسَى وَغَيْرُهُمَا مِن الرُّسُلِ كَانَ عَلَيْهِم اتِّبَاعُهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [آل عمران: ٨١] (١).

وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَخَذَ الْمِيثَاقَ عَلَى النَّبِيِّ الْمُتَقَدِّمِ أَنْ يُصَدِّقَ مَن يَأْتِي بَعْدَهُ، وَعَلَى النَّبِيِّ الْمُتَأَخِّرِ أَنْ يُصَدِّقَ مَن كَانَ قَبْلَهُ؛ وَلهَذَا لَمْ تَخْتَلِف الْأَنْبِيَاءُ؛ بَل دِينُهُم وَاحِدٌ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي "الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ": "إنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ دِينُنَا وَاحِدٌ".

فَدِينُ الْأَنْبِيَاءِ وَاحِدٌ، وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ، كُلُّهُم مُسْلِمُونَ مُؤْمِنُونَ، لَكِنَّ بَعْضَ الشَّرَائِعِ تَتَنَوَّعُ، فَقَد يُشَرِّعُ فِي وَقْتٍ أَمْرًا لِحِكْمَة، ثُمَّ يُشَرِّعُ فِي وَقْتٍ آخَرَ أَمْرًا آخَرَ لِحِكْمَة؛ كَمَا شَرَعَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ الصَّلَاةَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ وَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ إلَى الْكَعْبَةِ، فَتَنَوَّعَت الشَّرِيعَةُ وَالدِّينُ وَاحِدٌ، وَكَانَ اسْتِقْبَالُ الشَّامِ ذَلِكَ الْوَقْتَ مِن دِينِ الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ السَّبْتُ لِمُوسَى مِن دِينِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ لَمَّا نُسِخَ صَارَ دِينُ الْإِسْلَامِ هُوَ النَّاسِخَ، وَهُوَ الصَّلَاةُ إلَى الْكَعْبَةِ.


(١) فالله تعالى أخذ الميثاق وهو العهد الغليظ على صفوة خلقه أن ينصروا محمدًّا - صلى الله عليه وسلم -، ويجب كذلك على الحكام والعلماء نصرة سنته وشريعته، فمن أوجب واجباتهم نصرة دين النبي - صلى الله عليه وسلم - والدفاع عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>