كِتَابُ الْجَنَائِزِ
٢٨٧٧ - الْمَقْصُودُ الْأَكْبَرُ مِن صَلَاةِ الْجِنَازَةِ هُوَ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ، وَلهَذَا كَانَ عَامَّةُ مَا فِيهَا مِن الذِّكْرِ دُعَاءً.
وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْعُلَمَاءُ: هَل فِيهَا قِرَاءَةٌ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ، وَلَمْ يُوَقِّتْ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِيهَا دُعَاءً بِعَيْنِهِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يتوقت فِيهَا وُجُوبُ شَيْءٍ مِن الْأَذْكَارِ، وَإِن كَانَت قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِيهَا سُنَّةً كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ؛ فَالنَّاسُ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِيهَا عَلَى أَقْوَالٍ: قِيلَ: تُكْرَهُ، وَقِيلَ: تَجِبُ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ لَا تُكْرَهُ وَلَا تَجِبُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا فرْآنٌ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ، فَلَو كَانَت الْفَاتِحَةُ وَاجِبَةً فِيهَا كَمَا تَجِبُ فِي الصَّلَاةِ التَّامَّةِ لَشُرِعَ فِيهَا قِرَاءَة زَائِدَةٌ عَلَى الْفَاتِحَةِ. [٢١/ ٢٨٦]
٢٨٧٨ - إنَّ النَّاسَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
مِنهُم مَن لَا يَرَى فِيهَا قِرَاءَةً بِحَالٍ كَمَا قَالَهُ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ.
وَمِنْهُم مَن يَرَى الْقِرَاءَةَ فِيهَا سُنَّةً؛ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا وَغَيْرِهِ.
ثُمَّ مِن هَؤلَاءِ مَن يَقُولُ الْقِرَاءَةُ فِيهَا وَاجِبَةٌ كَالصَّلَاةِ.
وَمِنْهُم مَن يَقُولُ: بَل هِيَ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ لَيْسَتْ وَاجِبَةً، وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ؛ فَإِنَّ السَّلَفَ فَعَلُوا هَذَا وَهَذَا، وَكَانَ كِلَا الْفِعْلَيْنِ مَشْهُورًا بَيْنَهُمْ، كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِقِرَاءَةٍ وَغَيْرِ قِرَاءَةٍ، كَمَا كَانوا يُصَلُّونَ تَارَةً بِالْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ وَتَارَةً بِغَيْرِ جَهْرٍ بِهَا، وَتَارَةً بِاسْتِفْتَاحٍ وَتَارَةً بِغَيْرِ اسْتِفْتَاحٍ، وَتَارَةً بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute