للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ لَهُ وَجْهٌ صَحِيحٌ، وَهَذَا مِقْدَارُ مَا وَسِعَتْهُ هَذِهِ الْأَوْرَاقُ (١).

* * *

[المراد بالروح والنفس، وماهيتها]

٦٨٦ - النَّفْسُ الْمُفَارِقَةُ لِلْبَدَنِ بالْمَوْتِ: لَيْسَتْ جُزْءًا مِن أَجْزَاءِ الْبَدَنِ، وَلَا صِفَةً مِن صِفَاتِ الْبَدَنِ عِنْدَ سَلَفِ الْأَمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا. [٩/ ٢٧٢]


= والشجاعة، والحِرص، والشَّرَه، والنّفاق، والخشوع، والخضوع، والغِلظة، واللين، والاطمئنان: من أعمال القلوب.
فقد يكون الرجل مصدقًا؛ لأنّ المخ توصل إلى ذلك، لكنه لا يعمل بتصديقه؛ لأن القلب لم يعزم على ذلك.
ولذلك لو اسْتُبدل القلب بقلب آخر أو بقلبٍ صناعيّ لم يُؤثر ذلك على علمه وتصديقه وتصوراته، ولكن يُؤثر ذلك على عزيمته وهمّته وعمله بعلمِه ومُخالفة هواه.
فهناك ارتباط وثيق بين القلب والمخ، وقد ذكر عبد الدائم كحيل في كتابه أسرار القلب بين العلم والإيمان، أنّ معهد رياضيات القلب أجرى العديد من التجارب أثبت من خلالها أن القلب يبث ترددات كهرطيسية تؤثر على الدماغ وتوجهه في عمله، وأنه من الممكن أن يؤثر القلب على عملية الإدراك والفهم لدى الإنسان. كما وجدوا أن القلب يبث مجالًا كهربائيًّا هو الأقوى بين أعضاء الجسم، لذلك فهو من المحتمل أن يسيطر على عمل الجسم بالكامل.
والعرب تقول عن الرجل الشجاع: حديد القلب، أو ذكيُّ القلب، ونحوه.
قال عنترة يفخر بشجاعته:
لئن تكُ كفّي ما تُطاوعُ باعَها … فلي في وراءِ الكفِّ قلبٌ مُذَرَّبُ
كما أنهم يصفون شدة الذكاء والفطنة في القلب أيضًا، كما قال حسان بن ثابت -رضي الله عنه-:
قلبٌ ذكيٌ وعقلٌ غَرٌ ذي دَخَلٍ … وفي فمي صارمٌ كالسيفِ مأثورُ
فالعَقْل -الذي يمنع صاحبه من ارتكاب الرذائل- في القلب وليس في الدماغ؛ لأن الدماغ مُسْتَودعٌ للحفظ ووِعاءٌ له، وبه يكون التفكير والتأمل والاستنباط، وإرسال الإشارات والتنبيهات عبر الجهاز العصبي إلى سائر الأعضاء، وأما القلب فهو المحرك للعمل.
فإذا كان قلب شخصٍ ما يعتقد شيئًا، ثم نُقِل هذا القلب إلى شخص آخر فلن يحمل هذا المعتقد -والله أعلم- بل سيكون هذا القلب الجديد متعلّقًا بالدماغ الآخر الذي اتّصل به أيًّا كان، فيبُثّ له الإشارات والتنبيهات عبر النظام العصبي، فيشترك معه في الذاكرة ليبدأ عمله كما خلقه الله. ويكون كعضوٍ من أعضاء الجسد مثل اليد والرجل ونحوها.
(١) فلولا انتهاء الأوراق لكتب أكثر من ذلك! وكثيرًا ما يعتذر عن الإسهاب بانتهاء الأوراق، وهذا يدل على سعة علمه، ومن الجزم أنه لا يحتاجِ وقتًا ليصوغ الفكرة التي يريد صياغتها، بل هي تسيل مع قلمه، وتجري على لسانه، وإلا لمَا استطاع أن يكتب هذه الكمية الكبيرة من البحوث والفتاوى والكتب الضخمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>