آلِ فِرْعَوْنَ وَهوَ مُؤمِنٌ؛ وَلهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر: ٢٨]، فَهُوَ مِن آلِ فِرْعَوْنَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ مِنْفم الْمُؤْمِنُونَ، وَلهَذَا قَالَ: {وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران: ١١٠]. [١٩/ ٢٢١ - ٢٢٤]
١٤٧٤ - قَالَ تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساءة ٥٩] لَمْ يَأْمُرْ بِالرَّدِّ إلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إلَّا إذَا كَانَ نِزَاعٌ.
فَدَلَّ مِن وَجْهَيْنِ: مِن جِهَةِ وجُوبِ طَاعَتِهِمْ، وَمِن جِهَةِ أَنَّ الرَّدَّ إلَى الْكِتَاب وَالسُّنَّةِ إنَّمَا وَجَبَ عِنْدَ النّزَاعِ؛ فَعُلِمَ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ النِّزَاعِ لَا يَجِبُ وَإِن جَازَ، لِأَنَّ اتِّفَاقَهُم دَلِيل عَلَى مُوَافَقَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. [٢٠/ ٤٩٩]
* * *
[سورة المائدة]
١٤٧٥ - قَوْلُهُ تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ} [المائدة: ٤١] الصَّوَابُ أَنَّهَا (١) لَامُ التَّعْدِيَةِ مِثْل قَوْلِهِ: "سمع الله لمن حمده"؛ فَالسَّمَاعُ مُضَمَّنٌ مَعْنَى الْقَبُولِ؛ أَيْ: قَابِلُونَ لِلْكَذِبِ، ويسْمَعُونَ مِن قَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوك، وَيُطِيعُونَهُم فَيَكُونُ ذَمًّا لَهُم عَلَى قَبُولِ الْخَبَرِ الْكَاذِبِ وَعَلَى طَاعَةِ غَيْرِهِ مِن الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ.
ثُمَّ قَالَ: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: ٤٢] فَذَكَرَ أَنَّهُم فِي غذاءي الْجَسَدِ وَالْقَلْبِ يَغْتَذُونَ الْحَرَامَ، بِخِلَافِ مَن يَأْكُلُ الْحَلَالَ، وَلَا يَقْبَلُ إلَّا الصِّدْقَ.
وَفيهِ ذَمّ لِمَن يَروجُ عَلَيْهِ الْكَذِبُ وَيقْبَلُهُ، أَو يُؤْثِرُهُ لِمُوَافَقَتِهِ هَوَاهُ، وَيدْخُلُ فِيهِ قَبُولُ الْمَذَاهِبِ الْفَاسِدَةِ. [١٤/ ٤٥٢ - ٤٥٣]
(١) أي: اللَّامُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute