كَانَ الْمِلْكُ لِشَخْصٍ وَالْيَدُ لِآخَرَ: فَقَد يَكُونُ الْخَرَاجُ لِلْمَالِكِ وَالضَّمَانُ عَلَى الْقَابِضِ.
وَأَيْضًا: فَالْبَائِعُ إذَا مَكَّنَ الْمُشْتَرِيَ مِن الْقَبْضِ: فَقَد قَضَى مَا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُفَرِّطُ بِتَرْكِ الْقَبْضِ فَيَكُونُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمَكنْهُ مِن الْقَبْضِ، بِأَنْ لَا يُوَفِّيَهُ التَّوْفِيَةَ الْمُسْتَحَقَّةَ، فَلَا يَكِيلُهُ وَلَا يَزِنُهُ وَلَا يَعُدُّهُ، فَإِنَّهُ هُنَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يُوَفِّهِ إيَّاهُ مِن الدَّيْنِ، وَإِذَا لَمْ يَفْعَل الْبَائِعُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِن التَّوْفِيَةِ: كَانَ هُوَ الْمُفَرِّط، فَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ؛ إذ التَّفْرِيطُ يُنَاسِبُ الضَّمَانَ. [٢٩/ ٣٩٨ - ٤٠٢]
* * *
(الْمَقْبُوض بِعَقْدٍ فَاسِد وغصب، والفرق بينهما، ومتى يجب الْوَفَاءَ في الْعُقُود الْجَائِزَة؟ وماذا يجب في العقد الْفَاسِدِ: القيمة أو المثل؟)
٤٠٤٢ - فَصْلٌ: فِي الْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ: أَصْلُهُ أَنَّ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ يُوجِبُ عَلَى كُلٍّ مِن الْمُتَعَاقِدَيْنِ مَا اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ؛ مِثْلُ مَا يُوجِبُ التَّقَابُضَ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِن الْمُعَاوَضَاتِ اللَّازِمَةِ، فَإِنَّ لُزُومَهَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْوَفَاءِ بِهَا وَتَحْرِيمَ نَقْضِهَا.
وَأَمَّا الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ مِن الْوِكَالَاتِ بِأَنْوَاعِهَا وَالْمُشَارَكَاتِ بِأَصْنَافِهَا: فَإِنَّهَا لَا تُوجِبُ الْوَفَاءَ مُطْلَقًا؛ إذ الْعَقْدُ لَيْسَ بِلَازِمٍ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ بَل هُوَ جَائِزٌ مُبَاحٌ، وَصَاحِبُهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إمْضَائِهِ وَفَسْخِهِ، وَإِذَا فَسَخَهُ كَانَ نَقْضًا لَهُ.
لَكِنْ مَا دَامَ الْعَقْدُ مَوْجُودًا: فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمُوجِبِهِ مِن حِفْظِ الْمَالِ؛ فَإِنَّهُ عَقْدُ أَمَانَةٍ (١).
وَأمَّا تَحْرِيمُ الْعُدْوَانِ كَالْخِيَانَةِ: فَذَاكَ وَاجِبٌ بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ، إذ يَحْرُمُ
(١) والأمانة تقتضي ألا يفسخ العقد ما دام العقد ساريًا؛ لأنه يترتب على فسخِه مفاسد وأضرار كبيرة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute