للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَطَرْدُ هَذَا: أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ بِرًّا لَزِمَهُ فِعْلُهُ، وَلَمْ يَكُن لَهُ أَنْ يُكَفّرَ؛ فَإِنَّ حَلِفَهُ لَيَفْعَلَنَّه نَذْرٌ لِفِعْلِهِ.

وَكَذَلِكَ طَرْدُ هَذَا: أَنَّهُ إذَا نَذَرَ لَيَفْعَلَنَّ مَعْصِيَةً أَو مُبَاحًا فَقَد حَلَفَ عَلَى فِعْلِهَا، بِمَنْزِلَةِ مَا لَو قَالَ: وَاللهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا.

وَلَو حَلَفَ بِاللهِ لَيَفْعَلَنَّ مَعْصِيَةً أَو مُبَاحًا لَزِمَتْه كَفَّارَةُ يَمِينٍ.

فَأَمَّا الْيَمِينُ "بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ" فِي اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ؛ مِثْلُ أَنْ يَقْصِدَ بِهَا حَضًّا أَو مَنْعًا، أَو تَصْدِيقًا أَو تَكْذِيبًا؛ كَقَوْلِهِ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، أَو لَا فَعَلْت كَذَا، وَإِن فَعَلْت كَذَا فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ، أَو إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ، فَمَن قَالَ مِن الْفُقَهَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ: إنَّ نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ يَجِبُ فِيهِ الْوَفَاءُ فَإِنَّهُ يَقُولُ: هُنَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ أَيْضًا.

وَأَمَّا الْجُمْهُورُ الَّذِينَ قَالُوا فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ تُجْزئُهُ الْكَفَّارَةُ فَاخْتَلَفُوا هُنَا فِي الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ: فَمِنْهُم مَن فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَمِينِ بِالنَّذْرِ وَقَالُوا: إنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ بِالْحِنْثِ وَلَا تُجْرئُهُ الْكَفَّارَةُ، بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِالنَّذْرِ (١). [٣٥/ ٢٥٠ - ٢٦٧]

* * *

[أحوال من حلف لفعل طاعة، أو معصية، أو أمر مباح]

٤٩٨٩ - الْأَفْعَالُ "ثَلَاثَةٌ": إمَّا طَاعَة وَإِمَّا مَعْصِيَة وَإِمَّا مُبَاحٌ.

فَإِذَا حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ مُبَاحًا أَو لَيَتْرُكَنَّهُ: فَهَاهُنَا الْكَفَّارَةُ مَشْرُوعَةٌ بِالْإِجْمَاعِ.

وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِعْلَ مَكْرُوهٍ أَو تَرْكَ مُسْتَحَبٍّ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ (٢٢٤)} [البقرة: ٢٢٤].


(١) ورجح الشيخ هنا وفي مواضع أخرى عدم الفرق بين الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَبَيْنَ الْيَمِينِ بِالنَّذْر وقال: وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْأثَرُ وَالِاعْتِبَارُ. ثم شرع في ذكرها وأطال في ذلك. يُنظر إليها (٣٥/ ٢٦٨ - ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>