السُّنَّةِ، وَلَا مِن طَرِيقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ، وَلَكِن اُنْظُرُوا أَنْتُمْ فَمَا وَجَدْتُمُوهُ مُسْتَحِقًّا لَهُ مِن الصِّفَاتِ فَصِفُوهُ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَو لَمْ يَكُنْ، وَمَا لَمْ تَجِدُوهُ مُسْتَحِقًّا لَهُ فِي عُقُولِكُمْ فَلَا تَصِفُوهُ بِهِ.
ثُمَّ هُم هَهُنَا فَرِيقَانِ:
أ- أَكْثَرُهُم يَقُولُونَ: مَا لَمْ تُثْبِتْهُ عُقُولُكُمْ فَانْفُوهُ.
ب- وَمِنْهُم مَن يَقُولُ: بَل تَوَقَّفُوا فِيهِ.
وَمَا نَفَاهُ قِيَاسُ عُقُولِكُم الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ وَمُضْطَرِبُونَ اخْتِلَافًا أَكْثَرَ مِن جَمِيعِ مَن عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ: فَانْفُوهُ، وَإِلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فَارْجِعُوا، فَإِنَّهُ الْحَقُّ الَّذِي تَعَبَّدْتُكُمْ بِهِ.
وَمَا كَانَ مَذْكُورًا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِمَّا يُخَالِفُ قِيَاسَكُمْ هَذَا، أَو يُثْبِتُ مَا لَمْ تُدْرِكْهُ عُقُولُكُمْ -عَلَى طَرِيقَةِ أَكْثَرِهِمْ-: فَاعْلَمُوا أَنِّي أَمْتَحِنُكُمْ بِتَنْزِيلِهِ، لَا لِتَأْخُذُوا الْهُدَى مِنْهُ، لَكِنْ لِتَجْتَهِدُوا فِي تَخْرِيجِهِ عَلَى شَوَاذِّ اللُّغَةِ، وَوَحْشِيِّ الْأَلْفَاظِ، وَغَرَائِبِ الْكَلَامِ، أَو أَنْ تَسْكُتُوا عَنْهُ مُفَوِّضِينَ عِلْمَهُ إلَى اللهِ، مَعَ نَفْي دَلَالَتِهِ عَلَى شَيْءٍ مِن الصِّفَاتِ!
هَذَا حَقِيقَةُ الْأَمْرِ عَلَى رَأيِ هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمِينَ.
وَهَذَا الْكَلَامُ قَد رَأَيْته صَرَّحَ بِمَعْنَاهُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ لَازِمٌ لِجَمَاعَتِهِمْ لُزُومًا لَا مَحِيدَ عَنْهُ.
وَلَازِمُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ: أَنْ لَا يَكُونَ الْكِتَابُ هُدًى لِلنَّاسِ وَلَا بَيَانًا وَلَا شِفَاءً لِمَا فِي الصُّدُورِ، وَلَا نُورًا وَلَا مَرَدًّا عِنْدَ التّنَازُعِ.
[٥/ ١٢ - ١٩]
* * *
(أَصْل مَقَالَةِ التَّعْطِيلِ لِلصِّفَاتِ)
٤٢٦ - أَصْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ [مَقَالَةِ التَّعْطِيلِ لِلصِّفَاتِ]: إنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ عَن تَلَامِذَةِ الْيَهُودِ وَالْمُشْرِكِينَ وَضُلَّالِ الصَّابِئِينَ؛ فَإِنَّ أَوَّلَ مَن حُفِظَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ هَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute