للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَقَالَةَ فِي الْإِسْلَامِ -أَعْنِي أَنَّ اللهَ سُبْحانه وتعالى لَيسَ عَلَى الْعَرْشِ حَقِيقَةً، وَأَنَّ مَعْنَى اسْتَوَى بِمَعْنَى اسْتَوْلَى وَنَحْو ذَلِكَ- هُوَ الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ، وَأَخَذَهَا عَنْهُ الْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ وَأَظْهَرَهَا، فَنُسِبَتْ مُقَالَةُ الْجَهْمِيَّة إلَيْهِ. [٥/ ٢٠]

٤٢٧ - قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد -رضي الله عنه-: لَا يُوصَفُ اللهُ إلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، أَو وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ -صلى الله عليه وسلم-، لَا يُتَجَاوَزُ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ.

وَمَذْهَبُ السَّلَفِ: أَنَّهُم يَصِفُونَ اللهَ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ، مِن غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، وَمِن غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ، وَنَعْلَمُ أَنَّ مَا وُصِفَ اللهُ بِهِ مِن ذَلِكَ فَهُوَ حَقٌّ لَيْسَ فِيهِ لُغْزٌ وَلَا أَحَاجِيٌّ؛ بَل مَعْنَاهُ يُعْرَفُ مِن حَيْثُ يُعْرَفُ مَقْصُودُ الْمُتَكَلِّمِ بِكَلَامِهِ، لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ:

أ- أَعْلَمَ الْخَلْقِ بِمَا يَقُولُ.

ب- وَأَنْصَحَ (١) الْخَلْقِ فِي بَيَانِ الْعِلْمِ.

ج- وَأَفْصَحَ الْخَلْقِ فِي الْبَيَانِ وَالتَّعْرِيفِ وَالدَّلَالَةِ وَالْإِرْشَادِ.

وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَعَ ذَلِكَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، لَا فِي نَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَلَا فِي أفْعَالِهِ.

فَكَمَا نَتَيَقَّنُ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَهُ ذَاتٌ حَقِيقَةً، وَلَهُ أَفْعَالٌ حَقِيقَة: فَكَذَلِكَ لَهُ صِفَاتٌ حَقِيقَةً، وَهُوَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، لَا فِي ذَاتِهِ، وَلَا فِي صِفَاتِهِ، وَلَا فِي أَفْعَالِهِ.


(١) في الأصل: وَأفْصَحَ! والذي يظهر أنّ الصواب: وأنصح لثلاثة أمور:
الأمر الأول: لأنه يسلم من التكرار.
الأمر الثاني: أنه يُعطي معنى جديدًا، بخلاف "وأفصح" فهو عين الثالث.
الأمر الثالث: أنّ الشيخ صاغ هذه العبارة بأسلوب آخر بلفظ "وأنصح"؛ كقوله: وَمَن عَلِمَ أنَّ الرَّسُولَ أعْلَمُ الْخَلْقِ بِالْحَقِّ، وَأَفْصَحُ الْخَلْقِ فِي الْبَيَانِ، وَأنْصَحُ الْخَلْقِ لِلْخَلْقِ: عَلِمَ أَنَّهُ قَد اجْتَمَعَ فِي حَقِّهِ كَمَالُ الْعِلْم بِالْحَقِّ، وَكَمَالُ الْقُدْرةِ عَلَى بَيَانِهِ، وَكَمَالُ الْإِرَادَةِ لَهُ. اهـ. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>