٣٩٨ - قوله تعالى:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}[النمل: ٨٠]، المراد السماع المعتاد الذي يتضمن القبول والانتفاع -كما في حق الكفار- السماع النافع في قوله:{وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ}[الأنفال: ٢٣]، وقوله تعالى:{لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ}[الملك: ١٠] فإذا كان قد نفى عن الكافر السمع مطلقًا وعلم أنه إنما نفى سمع القلب المتضمن للفهم والقبول لا مجرد سماع الكلام فكذلك المشبه به وهو الميت. [المستدرك ١/ ٩٤]
* * *
(قول الميت قدموني أمرٌ باطن آخر)
٣٩٩ - الحديث الذي قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه:"إِنَّ الميت إذا حُمِل قال: قدموني" أو يقول: "يا ويلها" الحديث (١)، ليس هذا هو الكلام المعتاد بتحريك اللسان؛ فإنه لو كان كذلك لسمعه كل أحد، ولكن هو أمر باطن آخر، وليس هو مجرد الروح، فإن الروح منفصل عن البدن؛ فإن النائم قد يسمع ويتكلم، وذلك بروحه وبدنه الباطن، بحيث يظهر أثر ذلك في بدنه، حتى إنه قد يقوم ويصيح ويمشي ويتنعم بدنه ويتعذب ومع ذلك فعيناه مغمضتان، وغالبهم أن لسانه لا يتحرك، لكن إذا قوي أمر الباطن فقد ينطلق اللسان الظاهر حتى يصوت به ولو نودي من حيث الظاهر لا يسمع، فكما أن النائم حاله لا تشبه حال اليقظان -ولا أحواله مختصة بالروح فالميت أبلغ من ذلك- فإن معرفته بالأمور أكمل من النائم.
[المستدرك ١/ ٩٤ - ٩٥]
٤٠٠ - أرواح المؤمنين وإن كانت في الجنة فلها اتصال بالبدن إذا شاء الله تعالى من غير زمن طويل، كما تنزل الملائكة في طرفة عين. قال مالك رَحِمَه الله: بلغني أن الروح مرسلة تذهب حيث شاءت ولهذا روي: "أنها على أفنية القبور"، و"أنها في الجنة" والجميع حق.