إحداهما: أنه مخطئ في الحكم إلا أن الخطأ موضوع عنه.
والثانية: هو مصيب في الحكم.
قال القاضي: وقد أومأ أحمد إلى هذا في رواية بكر بن محمد، عن أبيه عنه، فقال: الحق عند الله في واحد، وعلى الرجل أن يجتهد، ولا يقول لمخالفه: إنه مخطئ.
وقال بعده كلامًا: وإذا اختلف أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - في شيء، فأخذ رجل بقول بعضهم وأخذ رجل آخر عن رجل آخر منهم فالحق واحد، وعلى الرجل أن يجتهد ولا يدري أصاب الحق أم أخطأ.
قال: فظاهر كلامه في أول المسألة أنه مصيب في الحكم؛ لأنه منع من إطلاق الخطأ عليه في الحكم، وآخر كلامه يقتضي إطلاق ذلك عليه؛ لأنه قال: عليه أن يجتهد ولا يدري أصاب الحق أم لا، فأطلق الخطأ عليه.
قال شيخنا: أحمد فرق لأن الأولين كل منهما استدل بنص، والآخرين لا نص مع واحد منهما، فعلى هذا: من استمسك بنص لا يطلق عليه الخطأ في الحكم؛ كالمصلي إلى القبلة المنسوخة قبل عِلْمه بالناسخ.
ومن لا نص معه يقال: هو مخطئ في الحكم، بمنزلة الذي ليس هو على شريعة، ولم تبلغه شريعة فصارت الأقوال ثلاثة، والفرق هو المنصوص. [المستدرك ٢/ ٢٣٤ - ٢٣٥]
* * *
[المسائل تنقسم إلي ما يقطع فيه بالإصابة وإلى ما لا ندري]
٢٠٦٤ - إذا ثبت أن المصيب من المختلفين واحد، فهل نقطع بصحة قولنا وخطأ المخالف، أم يجوز أن يكون الحق في غير ما قلنا؟ قد نقل عن أبي الطيب الطبري أنه يقطع بخطأ مخالفه، وينقض حكمه.