للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: ١٦٠] .. وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَصَحِّ قَوْلَي الْعُلَمَاءِ وَهُوَ: أَنَّ هَذَا التَّحْرِيمَ بَاقٍ عَلَيْهِم بَعْدَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ لَا يَزُولُ إلَّا بِمُتَابَعَتِهِ؛ لِأَنّهُ تَحْرِيمُ عُقُوبَةٍ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَبَغْيِهِمْ؛ وَهَذَا لَمْ يَزُلْ، بَل زَادَ وتغلظ فَكَانُوا أَحَقَّ بِالْعُقُوبَةِ.

وَقَوْلهُ: {وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} لَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥]، لَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا حُرِّمَ عَلَيْنَا مِمَّا يَسْتَحِلُّونَهُ هُمْ؛ كَصَيْدِ الْحَرَمِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ. [١٩/ ٢٦٤ - ٢٦٥]

١٥١٦ - أَمَرَ الله رَسُولَهُ -صلى الله عليه وسلم- بسِؤَالِ أَهلِ الْكِتَابِ عَمَّا تَوَاتَرَ عِنْدَهم كَقَوْلِهِ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٤٣)} [النحل: ٤٣]، فَإِنَّ مِنَ الْكُفَّارِ مَن أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ للهِ رَسُولٌ بَشَرٌ فَأَخْبَرَ اللهُ أَنَّ الَّذِينَ أَرْسَلَهُم قَبْلَ مُحَمَّدٍ كَانُوا بَشَرًا، وَأَمَرَ بِسُؤَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَن ذَلِكَ لِمَن لَا يَعْلَمُ (١). [١٩/ ١١]

* * *

[سورة الإسراء]

١٥١٧ - {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا (٤٢)} [الإسراء: ٤٢].

قال شيخنا -رضي الله عنه-: والصحيح أن المعنى: لابتغوا (٢) إليه سبيلًا بالتقرب إليه وطاعته، فكيف تعبدونهم من دونه؟ وهم لو كانوا آلهة كما يقولون لكانوا عبيدًا له.


(١) كلام شيخ الإسلام رحمه الله ظاهر في أنّ المقصود بأهل الذكر أهل الكتاب، وسياق الآية يدل على ذلك، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وَقَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ: الذِّكْرُ: الْقُرْآنُ، وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِهِ: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩]: صَحِيحٌ، وَلَكِنْ لَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ هَاهُنَا؛ لِأن الْمُخَالِفَ لَا يَرْجِعُ فِي إِثْبَاتِهِ بَعْدَ إِنْكارِهِ إِلَيْهِ.
وَكَذَا قَوْلُ أبي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ: "نَحْنُ أَهْلُ الذكْرِ" -وَمُرَادُ أنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أهْلُ الذكْرِ- صَحِيحٌ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أعْلَمُ مِنْ جَمِيعِ الْأمَمِ السَّالِفَةِ. اهـ. تفسير ابن كثير (٤/ ٥٧٣).
(٢) أي: الآلهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>