للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَالصَّوَابُ: طَرِيقَةُ السَّلَفِ.

وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ إذَا خَالَفَهُ نَصٌّ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِجْمَاعِ نَصٌّ مَعْرُوفٌ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخ، فَأمَّا أَنْ يَكُونَ النَّصُّ الْمُحْكَمُ قَد ضَيَّعَتْهُ الْأمَّةُ وَحَفِظَتْ النَصَّ الْمَنْسُوخَ فَهَذَا لَا يُوجَدُ قَطُّ، وَهُوَ نِسْبَةُ الْأمَّةِ إلَى حِفْظِ مَا نُهِيَتْ عَنِ اتِّبَاعِهِ، وَإِضَاعَةِ مَا أُمِرَتْ بِاتِّبَاعِهِ، وَهِيَ مَعْصُومَةٌ عَن ذَلِكَ.

وَمَعْرِفَةُ الْإِجْمَاعِ قَد تَتَعَذَّرُ كَثِيرًا أَو غَالِبًا، فَمَن ذَا الَّذِي يُحِيطُ بِأَقْوَالِ الْمُجْتَهِدِينَ؟

بِخِلَافِ النُّصُوصِ فَإِنَّ مَعْرِفَتَهَا ممْكِنَةٌ مُتَيَسّرَةٌ.

وَهُم إنَّمَا كَانُوا يَقْضُونَ بِالْكِتَابِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا تَنْسَخُ الْكِتَابَ، فَلَا يَكونُ فِي الْقُرْآنِ شَيءٌ مَنْسُوخٌ بِالسُّنَّةِ؛ بَل إنْ كَانَ فِيهِ مَنْسُوخ كَانَ فِي الْقُرْآنِ نَاسِخُهُ، فَلَا يُقَدّمُ غَيْرَ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ، ثمَّ إذَا لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ طَلَبَهُ فِي السُّنَّةِ، وَلَا يَكُونُ فِي السُّنَّةِ شَيءٌ مَنْسُوخ إلَّا وَالسُّنَّةُ نَسَخَتْهُ، لَا يَنْسَخُ السُّنَّةَ إجْمَاعٌ وَلَا غَيْرُهُ. [١٩/ ٢٠١ - ٢٠٢]

* * *

[الإجماع نوعان]

١٩٤٨ - الْإِجْمَاعُ نَوْعَانِ:

أ- قَطْعِيٌّ، فَهَذَا لَا سَبِيلَ إلَى أَنْ يُعْلَمَ إجْمَاعٌ قَطْعِيٌّ عَلَى خِلَافِ النَّصِّ.

ب- وَأَمَّا الظَّنيُّ فَهُوَ الْإِجْمَاعُ الإقراري والاستقرائي، بِأنْ يَسْتَقْرِئَ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فَلَا يَجِدُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، أَو يَشْتَهِرُ الْقَوْلُ فِي الْقُرْآنِ وَلَا يَعْلَمُ أَحَدًا أَنْكَرَه، فَهَذَا الْإِجْمَاعُ وَإِن جَازَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُدْفَعَ النُّصُوصُ الْمَعْلُومَةُ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا حُجَّة ظَنِّيَّة لَا يَجْزِمُ الْإِنْسَانُ بِصِحَّتِهَا؛ فَإِنَّهُ لَا يَجْزِمُ بِانْتِفَاءِ الْمُخَالِفِ، وَحَيْثُ قَطَعَ بِانْتِفَاءِ الْمُخَالِفِ فَالْإِجْمَاعُ قَطْعِيٌّ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ يَظُنُّ عَدَمَهُ وَلَا يَقْطَعُ بِهِ فَهُوَ حُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ، وَالظَّنِّيُّ لَا يُدْفَعُ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>