للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مخالفته، ولا يجوز أن تجمع الأمة على الخطأ، وقد نص أحمد على هذا في رواية عبد الله وأبي الحارث في الصحابة إذا اختلفوا لم يخرج عن أقاويلهم: أرأيت إن أجمعوا له أن يخرج من أقاويلهم؛ هذا قول خبيث، قول أهل البدع، لا ينبغي لأحد أن يخرج من أقاويل الصحابة إذا اختلفوا. [المستدرك ٢/ ١١٣]

قال شيخنا - رضي الله عنه -: قال في رواية عبد الله: من ادعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس قد اختلفوا، وهذه دعوى بشر المريسي والأصم، ولكن يقول: "لا نعلم الناس اختلفوا" إذا لم يبلغه، وكذلك نقل المروذي عنه أنه قال: كيف يجوز للرجل أن يقول: "أجمعوا"؟ إذا سمعتهم يقولون أجمعوا فاتهمهم، لو قال: "إني لم أعلم مخالفًا" كان ذلك، ونقل أبو طالب عنه أنه قال: هذا كذب، ما أعلمه أنَّ الناس مجمعون، ولكن يقول: "لا أعلم فيه اختلافًا" فهو أحسن من قوله: "إجماع الناس" وكذلك نقل أبو الحارث: لا ينبغي لأحد أن يدعي الإجماع، لعل الناس اختلفوا.

* * *

(هل يَبْدَأُ الْمُجْتَهِدُ بِأَنْ يَنْطرَ أَوَّلًا فِي الْإِجْمَاعِ)

١٩٤٧ - عُمَرُ - رضي الله عنه - قَدَّمَ الْكِتَابَ ثُمَّ السُّنَّةَ، وَكَذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ مِثْل مَا قَالَ عُمَرُ، قَدَّمَ الْكِتَابَ ثُمَّ السُّنَّةُ ثُمَّ الْإِجْمَاعُ، وَكَذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ يُفْتِي بِمَا فِي الْكِتَابِ، ثُمَّ بِمَا فِي السُّنَّةِ، ثُمَّ بِسُنَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، لِقَوْلِهِ: "اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِن بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ" (١)، وَهَذِهِ الْاَثَارُ ثَابِتَةٌ عَن عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُم مِن أَشْهَرِ الصَّحَابَةِ بِالْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.

وَلَكِنْ طَائِفَةٌ مِن الْمُتَأخّرِينَ قَالُوا: يَبْدَأُ الْمُجْتَهِدُ بِأَنْ يَنْظرَ أَوَّلًا فِي الْإِجْمَاعِ، فَإِنْ وَجَدَهُ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى غَيْرِهِ، وَإِن وَجَدَ نَصًّا خَالَفَهُ اعْتَقَدَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِنَصٍّ لَمْ يَبْلُغْهُ، وَقَالَ بَعْضُهُم؛ الْإِجْمَاعُ نَسَخَهُ!


(١) حسَّنه الترمذي (٣٦٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>