وَكَذَلِكَ طُلَّابُ الرِّئَاسَةِ وَالْعُلُوِّ عَلَى غَيْرِهِمْ يَصْبِرُونَ مِن ذَلِكَ عَلَى أَنْوَاعٍ مِن الْأذَى الَّتِي لَا يَصْبِرُ عَلَيْهَا أَكْثَرُ النَّاسِ.
وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْمَحَبَّةِ لِلصُّوَرِ الْمُحَرَّمَةِ مِن أَهْلِ الْعِشْقِ وَغَيْرِهِمْ يَصْبِرُونَ فِي مِثْل مَا يَهْوُونَهُ مِن الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى أَنْوَاعٍ مِن الْأَذَى وَالْآلَامِ.
وَأمَّا الْقِسْمُ الرَّابعُ فَهُوَ شَرُّ الْأَقْسَامِ: لَا يَتَّقُونَ إذَا قَدَرُوا وَلَا يَصْبِرُونَ إذَا اُبْتُلُوا؛ بَل هُم كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١)} [المعارج: ١٩ - ٢١]، فَهَؤُلَاءِ تَجِدُهُم مِن أَظْلَمِ النَّاسِ وأجبرهم إذَا قَدَرُوا وَمِن أَذَلِّ النَّاسِ وَأَجْزَعِهِمْ إذَا قُهِرُوا، إنْ قَهَرْتهمْ ذَلُّوا لَك وَنَافَقُوك وَحَابَوْك وَاسْتَرْحَمُوك وَدَخَلُوا فِيمَا يَدْفَعُونَ بِهِ عَن أَنْفُسِهِمْ مِن أَنْوَاعِ الْكَذِب وَالذُّلّ وَتَعْظِيمِ الْمَسْؤُولِ، وَإِن قَهَرُوك كَانُوا مِن أَظْلَمِ النَّاسِ وَأَقْسَاهُم قَلْبًا وَأقَلِّهِمْ رَحْمَةً وَإِحْسَانًا وَعَفْوًا.
وَقَد ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى "الصَّبْرَ وَالتَّقْوَى" جَمِيعًا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِن كِتَابِهِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ يَنْضرُ الْعَبْدَ عَلَى عَدُوّهِ مِن الْكُفَّارِ الْمُحَارِبِينَ الْمُعَانِدِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَعَلَى مَن ظَلَمَهُ مِن الْمُسْلِمِينَ وَلصَاحِبِهِ تَكُونُ الْعَاقِبَةُ.
قَالَ اللهُ تَعَالَى: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥)} [آل عمران: ١٢٥]. [١١/ ٢٥ - ٣١]
* * *
[الدعاء]
٩٣٦ - السُّنَّةُ فِي الدُّعَاءِ كُلّهِ: الْمُخَافَتَةُ إلا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ سَبَبٌ يُشْرَع لَهُ الْجَهْرُ.
بَلِ السُّنَّةُ فِي الذِّكْرِ كُلّهِ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [الأعراف: ٢٠٥].
وَكَذَلِكَ لَو اقْتَصَرَ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ -صلى الله عليه وسلم- خَارجَ الصَّلَاةِ؛ مِثْل أَنْ يُذْكَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute