للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَمَرَ اللهُ الْمُؤمِنِينَ بِالرَّدِّ فِيمَا تَنَازَعُوا فِيهِ إلَى اللهِ وَالرَّسُولِ، وَهُوَ الرَّدُّ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

فَمَن قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ لأحَدٍ أَنْ يَردَّ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ إلَى الْكتَابِ وَالسُّنَّةِ، بَل عَلَى الْمُسْلِمِينَ اتِّبَاعُ قَوْلِنَا دُونَ الْقَوْلِ الْآخَرِ مِن غَيْرِ أنْ يُقِيمَ دَلِيلًا شَرْعِيًّا- كَالِاسْتِدْلَالِ بِالْكتَابِ وَالسُّنَّةِ- عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ: فَقَد خَالَفَ الْكتَابَ وَالسُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَجِبُ اسْتِتَابَةُ مِثْل هَذَا وَعُقُوبَتُهُ كَمَا يُعَاقَبُ أَمْثَالُهُ.

فَإِذَا كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا تَنَازَعَ فِيهِ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَتَمَسَّكَ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، ويَحْتَجُّ (١) عَلَى قَوْلِهِ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ -كَالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ- وَلَيْسَ مَعَ صَاحِبِ الْقَوْلِ الْآخَرِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مَا يُبْطِلُ بِهِ قَوْلهُ: لَمْ يَكُن لِهَذَا الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ حُجَّةٌ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ الَّذِي يَحْتَجُّ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ؛ بَل [مَنْ] (٢) جَوَّزَ أَنْ يُمْنَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْقَوْلِ الْمُوَافِقِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَوْجَبَ عَلَى النَّاسِ اتِّبَاعَ الْقَوْلِ الَّذِي يُنَاقِضُه بِلَا حجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ تُوجِبُ عَلَيْهِم اتِّبَاعَ هَذَا الْقَوْلِ وَتُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ اتِّبَاعَ ذَلِكَ الْقَوْلِ: فَإِنَّهُ قَد انْسَلَخَ مِنَ الدِّينِ، تَجب اسْتِتَابَتُهُ وَعُقُوبَتُهُ كَأَمْثَالِهِ، وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا فَيُعْذَرُ بِالْجَهْلِ أَوَّلًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ أَقْوَالُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَدَلَائِلُ الْكِتَاب وَالسُّنَّةِ، فَإِنْ أَصَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مُشَاقَّةِ الرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَاتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ: فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ. [٣٣/ ١٣٤ - ١٣٥]

* * *

[الاجتهاد والتقليد وهل المصيب واحد]

٢٠٦٣ - قال القاضي في كتاب الروايتين: الحق عند الله واحد، وقد نصب عليه دليلًا، وكلف المجتهد طلبه، فإن أصابه فقد أصاب الحق عند الله وفي الحكم وإن أخطأه فقد أخطأ عند الله.


(١) في الأصل وجميع المراجع: لَمْ يُحتجّ! والعل الصواب المثبت، والله أعلم؛ ليستقيم المعنى.
(٢) ما بين المعقوفتين ليس في الأصل، والمعنى لا يستقيم إلا به.

<<  <  ج: ص:  >  >>