للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ التَّعْبِيرُ عَن تِلْكَ الْمَعَانِي إنْ كَانَ فِي أَلْفَاظِهِ اشْتِبَاهٌ أَو إجْمَالٌ عُبِّرَ بِغَيْرِهَا، أَو بَيَّنَ مُرَادَهُ بِهَا، بِحَيْثُ يَحْصُلُ تَعْرِيفُ الْحَقِّ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ.

فَإِنَّ كَثِيرًا مِن نِزَاعِ النَّاسِ سَبَبُهُ أَلْفَاظٌ مُجْمَلَة مُبْتَدَعَة وَمَعَانٍ مُشْتَبِهَة، حَتَّى تَجِدَ الرَّجُلَيْنِ يَتَخَاصمَانِ وَيتَعَادَيَانِ عَلَى إطْلَاقِ أَلْفَاظٍ وَنَفْيِهَا، وَلَو سُئِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَن مَعْنَى مَا قَالَهُ لَمْ يَتَصَوَّرْهُ فَضْلًا عَن أَنْ يَعْرِفَ دَلِيلَهُ، وَلَو عَرَفَ دَلِيلَهُ لَمْ يَلْزَمْ أَنَّ مَن خَالَفَهُ يَكُونُ مُخْطِئًا؛ بَل يَكُونُ فِي قَوْلِهِ نَوْعٌ مِن الصَّوَابِ، وَقَد يَكُونُ هَذَا مُصِيبًا مَن وَجْهٍ وَهَذَا مُصِيبًا مِن وَجْهٍ، وَقَد يَكونُ الصَّوَابُ فِي قَوْلٍ ثَالِثٍ (١). [١٢/ ١١٣ - ١١٤]

* * *

الْعُقَلَاءُ الْكَثِيرُونَ لَا يَتَّفِقونَ عَلَى الْكَذِبِ وَجَحْدِ الضَّرُورَاتِ مِن غَيْرِ تَوَاطُؤِ وَاتِّفَاقٍ:

٥٣٧٦ - الْعُقَلَاءُ الْكَثِيرُونَ لَا يَتَّفِقُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَجَحْدِ الضَّرُورَاتِ مِن غَيْرِ تَوَاطُؤٍ وَاتِّفَاقٍ، كَمَا فِي الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ.

وَأَمَّا مَعَ التَّوَاطُؤِ فَقَد يَتَّفِقُونَ عَلَى الْكَذِبِ عَمْدًا، وَقَد يَتَّفِقُونَ عَلَى جَحْدِ الضَّرُورَاتِ، وَإِن لَمْ يَعْلَمْ كُلّ مِنْهُم أَنَّهُ جَاحِدٌ لِلضَّرُورَةِ، وَلَو لَمْ يَفْهَمْ حَقِيقَةَ الْقَوْلِ الَّذِي يَعْتَقِدُهُ لِحُسْنِ ظَنِّهِ فِيمَن يُقَلِّدُ قَوْلَهُ، وَلمَحَبَّتِهِ لِنَصْرِ ذَلِكَ الْقَوْلِ، كَمَا اتَّفَقَتْ النَّصَارَى وَالرَّافِضَةُ وَغَيْرُهُم مِن الطَّوَائِفِ عَلَى مَقَالَاتٍ يُعْلَمُ فَسَادُهَا بِالضرُورَةِ. [١٢/ ١٢٢]

* * *


(١) وقد قال رحمه الله في ختام بحثه هذا الطويل، الذي يقع في مائةٍ وعشر صفحات، وحشد فيها الأدلة الطويلة، والردود القوية، والاستدراكات الكثيرة: "هَذَا الْجَوَابُ كُتِبَ وَصَاحِبُهُ مُسْتَوْفِزٌ فِي قَعْدَةٍ وَاحِدَةٍ". المجموع (١٢/ ١١٦).
وأعجب من ذلك أنه كتب فتوى طويلة تقع في مائةٍ وسبعين صفحة (١٢/ ٣٢٣ - ٥٠١) في جلسة واحدة حيث قال: لَكِنْ هَذَا الْمَوْضِعُ فِيهِ اشْتِبَاهٌ وَإِشْكالٌ لَا تَحْتَمِلُ تَحْرِيرَهُ وَبَسْطَهُ هَذه الْفَتْوَى؛ لِأنَّ صَاحِبَهَا مُسْتَوْفِزٌ عَجْلَانُ يُرِيدُ أَخْذَهَا!! المجموع (١٢/ ٤١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>