الحمد لله الْمُبدئ الْمُعيد، الفعال لِمَا يُريد، وصلى اللّه على نبيِّنا محمد صاحب الخُلُق الرشيد، والقول السديد، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فلقد كانت لي عنايةٌ بكتب ورسائل شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمه الله منذ وفَّقني الله في طلب العلم، وقد أُولعت به كما أُولع به غيري؛ لِمَا يمتلكه هذا الإمام من العلم الواسع، والحق الساطع، والتحقيق المتين، والنظر الثاقب.
وحينما أتيت إلى هذا السفر الكبير الضخم، والجبل الرفيع الصعب: رأيت الهمة تُنازعني، والإرادة تُخالفني، والوقتَ يُعاتبني؛ فالأشغال والأعمال كثيرةٌ، فدخول "مجموع الفتاوى" بينها قد يُعكر عليها، ويصرف الهمة عنها.
وهذا ما حدث بالفعل، فقد عزمت وصممت، وأقدمت وما باليت، وظننت -وصدق ظني- أنَّ كل عمل وشغل وعلم لن يكون أفضل وأنفع مما سأقدم عليه.
فاستعنت بالله تعالى على تيسير "مجموع الفتاوى" وغيرها من الكتب، وتسهيلها على طلاب العلم، وعملي فيها قريب من الاختصار والتهذيب.
وقد حاولت بكلّ جهدي أنْ أسهلها للناس، وقد أمضيتُ زمنًا طويلًا في ذلك.
ومجموع الفتاوى فيها من الصعوبة والإطالة ما لا يخفى، وكثيرًا ما يذكر