للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَنَّ الرَّسُولَ يَعْرِفُهُم بِهَذِهِ السِّيمَاءِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْرَكُهُم فِيهَا غَيْرُهُمْ.

وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَغَيْرُهُ أَنَّه تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا ثَلَاثًا وَقَالَ: "هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي": حَدِيثٌ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِمِثْلِهِ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ خَبَرٌ عَن أَحَدٍ مِن الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَ الْمُسْلِمِينَ، بِخِلَافِ الِاغْتِسَالِ مِن الْجَنَابَةِ فَإِنَّهُ كَانَ مَشْرُوعًا. [٢٣/ ١٦٧ - ١٦٨]

* * *

[الأمر بالوضوء مما مست النار]

٢٢٤٣ - أَمَرَ- النبي - صلى الله عليه وسلم - بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ (١)، وَقَد ثَبَتَ فِي أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ أَنَّهُ أَكَلَ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ (٢).

فَقِيلَ: إنَّ الْأَوَّلَ مَنْسُوخٌ، لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ ذَلِكَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى هَذَا؛ بَل رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَإِسْلَامُهُ مُتَأَخِّرٌ عَن تَارِيخِ بَعْضِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ، كَحَدِيثِ السَّوِيقِ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَر، فَإِنَّهُ كَانَ قَبْلَ إسْلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَقيلَ: بَلِ الْأَمْرُ بِالتَّوَضُّؤِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ اسْتِحْبَابٌ؛ كَالْأَمْرِ بِالتَّوَضُّؤِ مِنَ الْغَضَبِ، وَهَذَا أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ، وَهُمَا وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد.

فَإِنَّ النَّسْخَ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ التَّنَافِي وَالتَّارِيخِ، وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ، بِخِلَافِ حَمْلِ الْأَمْرِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ فَإِنَّ لَهُ نَظَائِرَ كَثيرَةً.

وَكَذَلِكَ التَّوَضُّؤُ مِن مَسِّ الذَّكَرِ وَمَسّ النِّسَاءِ هُوَ مِن هَذَا الْبَابِ؛ لِمَا فِيهِ


(١) رواه مسلم (٣٥١).
(٢) قال البخاري: بَابُ مَن لَمْ يَتَوَضَّأْ مِن لَحْمِ الشَّاةِ وَالسَّوِيقِ، وَأكَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ -رضي الله عنهم- فَلَمْ يَتَوَضَّئُوا.
ثم روى عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - "أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ".

<<  <  ج: ص:  >  >>