الشَّهْوَةِ فَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ، سَوَاءٌ كَانَ بِشَهْوَة أَو بِغَيْرِ شَهْوَةٍ؛ وَلِهَذَا لَا يَنْقُضُ مَسُّ الْمَحَارِمِ، لَكِن لَو مَسَّ ذَوَاتَ مَحَارِمِهِ لِشَهْوَةِ فَقَد وُجِدَتْ حَقِيقَةُ الْحِكْمَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا مَسَّ الْأَمْرَدَ لِشَهْوَةِ. [١٥/ ٤١١ - ٤١٢، ٢١/ ٢٤٣ - ٢٥١]
* * *
[لحم الإبل ناقض للوضوء]
٢٣٣٦ - مَن نَقَلَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَو جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُم لَمْ يَكُونُوا يَتَوَضَّؤُونَ مِن لُحُومِ الْأِبِلِ: فَقَد غَلِطَ عَلَيْهِمْ. [٢١/ ١٣]
٢٣٣٧ - ثَبَتَ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" (١) عَن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ -رضي الله عنه-؛ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: "إِنْ شِئْتَ فَتَوَضأْ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَّأْ"، قَالَ: أتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: "نَعَمْ فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ"، قَالَ: أُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: أُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: "لَا".
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إنَّهُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِ جَابِرٍ: كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ.
وَأمَّا جَابِرٌ فَإِنَّمَا نَقَلَ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّت النَّارُ، وَهَذَا نَقْلٌ لِفِعْلِهِ لَا لِقَوْلِهِ.
فَإِذَا شَاهَدُوهُ قَد أَكَلَ لَحْمَ غَنَمِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأُ بَعْدَ أَنْ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ صَحَّ أَنْ يُقَالَ: التَّرْكُ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ، وَالتَّرْكُ الْعَامُّ لَا يُحَاطُ بِهِ إلا بِدَوَامِ مُعَاشَرَتِهِ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، بَل الْمَنْقولُ عَنْهُ التَّرْكُ فِي قَضِيَّهِ مُعَيَّنَةٍ.
ثُمَّ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّت النَّارُ لَا يُوجِبُ تَرْكَهُ مِن جِهَةٍ أُخْرَى، وَلَحْمُ
(١) رواه مسلم (٣٦٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute