(هل عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَام- حَيٌّ لم يمت؟ وَما معنى قَوْله تَعَالَي: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ})
١١٩٤ - عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَام- حَيٌّ فِي السَّمَاءِ لَمْ يَمُتْ بَعْدُ، وَإِذَا نَزَلَ مِن السَّمَاءِ لَمْ
يَحْكُمْ إلَّا بِالْكتَابِ وَالسُّنَّةِ، لَا بِشَيْء يُخَالِفُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: ٥٥] فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ الْمَوْتَ؛ إذ لَو ارَادَ بِذَلِكَ الْمَوْتَ لَكَانَ عِيسَى فِي ذَلِكَ كَسَائِرِ الْمُؤمِنِينَ؛ فَإِنَّ اللّهَ يَقْبِضُ أَرْوَاحَهُم وَيَعْرُجُ بِهَا إلَى السَّمَاءِ، فَعُلِمَ أَنْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ خَاصِّيَّةٌ.
وَلهَذَا قَالَ مَن قَالَ مِن الْعُلَمَاءِ: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ}؛ أَيْ: قَابِضُك؛ أَيْ: قَابِضٌ رُوحَك وَبَدَنك.
يُقَالُ: تَوَفَّيْت الْحِسَابَ وَاسْتَوْفَيْته.
وَلَفْظُ التَّوَفِّي: لَا يَقْتَضِي (١) تَوَفِّيَ الرُّوحِ دُونَ الْبَدَنِ، وَلَا تَوَفِّيَهُمَا جَمِيعًا إلَّا بِقَرِينَةٍ مُنْفَضِلَةٍ.
وَقَد يُرَادُ بِهِ تَوَفِّي النَّوْمِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام: ٦٠]. [٤/ ٣٠٦، ٣٢٢ - ٣٢٣]
* * *
(الْأَنْبِيَاء مَعْصُومُونَ عَن الْكَبَائِرِ دُونَ الصَّغَائِرِ)
١١٩٥ - الْأَنْبِيَاء صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِم مَعْصُومُونَ فِيمَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَن اللّهِ سُبْحَانَهُ وَفِي تَبْلِيغِ رِسَالَاتِهِ بِاتِّفَاقِ الْأمَّةِ، وَلهَذَا وَجَبَ الْإِيمَانُ بِكُلِّ مَا أُوتُوهُ.
(١) في الأصل بعد هذه الكلمة: (نَفْسهُ)، ولعلها مقحمة، ولا يستقيم المعنى بوجودها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute