بِخِلَافِ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُم لَيْسُوا مَعْصُومِينَ كَمَا عُصِمَ الأَنْبِيَاءُ وَلَو كَانُوا أَوْليَاءَ للهِ وَلهَذَا مَن سَبَّ نَبِيًّا مِن الْأَنْبِيَاءِ قُتِلَ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ وَمَن سَبَّ غَيْرَهُم لَمْ يُقْتَلْ.
وَأَمَّا الْعِصْمَةُ فِي غَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ فَلِلنَّاسِ فِيهِ نِزَاعٌ.
وَالْقَوْلُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ النَّاسِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْآثَارِ الْمَنْقُولَةِ عَن السَّلَفِ إثْبَاتُ الْعِصْمَةِ مِن الْإِقْرَارِ عَلَى الذُّنُوبِ مُطْلَقًا، وَالرَّدُّ عَلَىْ مَن يَقُولُ إنَّهُ يَجُوزُ إقْرَارُهُم عَلَيْهَا، وَحُجَجُ الْقَائِلِينَ بِالْعِصْمَةِ إذَا حُرِّرَتْ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. [١٠/ ٢٨٩ - ٢٩٣]
١١٩٦ - إِنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ عَن الْكَبَائِرِ دُونَ الصَّغَائِرِ: هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ وَجَمِيعِ الطَّوَائِفِ، حَتَّى إنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكَلَامِ، كَمَا ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الآمدي أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَشْعَرِيَّةِ، وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ أكْثَرِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ، بَل هُوَ لَمْ يَنْقُلْ عَن السَّلَفِ وَالْأئِمَّةِ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ إلَّا مَا يُوَافِقُ هَذَا الْقَوْلَ.
وَعَامَّةُ مَا يُنْقَلُ عَن جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُم غيْرُ مَعْصُومِينَ عَن الْإِقْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ، وَلَا يُقَرُّونَ عَلَيْهَا، وَلَا يَقُولُونَ إنَّهَا لَا تَقَعُ بِحَال.
وَأَوَّلُ مَن نُقِلَ عَنْهُم مِن طَوَائِفِ الْأُمَّةِ الْقَوْلُ بِالْعِصْمَةِ مُطْلَقًا وَأَعْظَمُهُم قَوْلًا لِذَلِكَ: الرَّافِضَةُ؛ فَإِنَّهُم يَقُولُونَ بِالْعِصْمَةِ، حَتَّى مَا يَقَعُ عَلَى سَبِيلِ النِّسْيَانِ وَالسَّهْوِ وَالتَّأْوِيلِ.
وَيَنْقُلُونَ ذَلِكَ إلَى مَن يَعْتَقِدُونَ إمَامَتَهُ، وَقَالُوا بِعِصْمَةِ عَلِيٍّ، وَالاِثْنَيْ عَشَرَ.
ثُمَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّة، الَّذِينَ كَانُوا مُلُوكَ الْقَاهِرَةِ، وَكَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُم خُلَفَاءُ عَلَوِيُّونَ فَاطِمِيُّونَ، وَهُم عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِن ذُرِّيَّةِ عُبَيْدِ اللّهِ الْقَدَّاحِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute