للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهُنَا كَانَ اللَّبَنُ مَوْجُودًا فِي الضَّرْعِ، فَصَارَ جُزْءًا مِنَ الْمَبِيعِ، وَلَمْ يُجْعَلِ الصَّاعُ عِوَضًا عَمَّا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ؛ بَل عِوَضًا عَنِ اللَّبَنِ الْمَوْجُودِ فِي الضَّرْعِ وَقْتَ الْعَقْدِ.

وَأَمَّا تَضْمِينُ اللَّبَنِ بِغَيْرِهِ وَتَقْدِيرِهِ بِالشَّرْعِ: فَلِأَنَّ اللَّبَنَ الْمَضْمُونَ اخْتَلَطَ بِاللَّبَنِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَتَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ، فَلِهَذَا قَدَّرَ الشَّارعُ الْبَدَلَ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، وَقَدَّرَ بِغَيْرِ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِالْجِنْسِ قَد يَكُونُ أَكْثَرَ مِنَ الْأَوَّلِ أَو أَقَلَّ فَيُفْضِي إلَى الرِّبَا، بِخِلَافِ غَيْرِ الْجِنْسِ فَإِنَّهُ كَأنَّهُ ابْتَاعَ لِذَلِكَ اللَّبَنِ الَّذِي تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ بِالصَّاعِ مِنَ التَّمْرِ، وَالتَّمْرُ كَانَ طَعَامَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ مَكِيلٌ مَطْعُومٌ يُقْتَاتُ بِهِ، كَمَا أَنَّ اللَّبَنَ مَكِيلٌ مُقْتَاتٌ وَهُوَ أَيْضًا يُقْتَاتُ بِهِ بِلَا صَنْعَةٍ، بِخِلَافِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَاتُ بِهِ إلَّا بِصَنْعَة، فَهُوَ أَقْرَبُ الْأَجْنَاسِ الَّتِي كَانُوا يَقْتَاتُونَ بِهَا إلَى اللَّبَنِ.

وَلهَذَا كَانَ مِن مَوَارِدِ الِاجْتِهَادِ أَنَّ جَمِيعَ الْأمْصَارِ يَضْمَنُونَ ذَلِكَ بِصَاعٍ مِن تَمْرٍ، أَو يَكُونُ ذَلِكَ لِمَن يَقْتَاتُ التَّمْرَ، فَهَذَا مِن مَوَارِدِ الِاجْتِهَادِ؛ كَأَمْرِهِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ بِصَاعٍ مِن شَعِيرٍ أَو تَمْرٍ. [٢٠/ ٥٠٤ - ٥٥٨]

١٩٧٤ - القياس إذا خالف النص كان فاسدًا، أمّا فسادُ الحكمِ المخالفِ للنص فبالاتّفاق. [المستدرك ٢/ ١٦٢]

* * *

[من نزلت به حادثة وضاق عليه الوقت]

١٩٧٥ - قال أبو الخطاب: من نزلت به حادثة، وكان فيها قاضيًا أو مفتيًا أو مجتهدًا لنفسه، وضاق عليه الوقت، وجب عليه أن يقيس وينظر.

وإذا لم يضق عليه الوقت استُحِب له ذلك، والواجب والمستحب من الدين. [المستدرك ٢/ ٢٠٣]

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>