فَضَّلَهُ فِي الْجَزَاءِ بِمَا فَضَّلَ بِهِ مِن الْإِيمَانِ. [٧/ ٣٤١ - ٣٤٣]
* * *
(أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وغيرهما لِجَمَاعَةٍ مِمن يرى رَأْيَ الْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْخَوَارِجِ وَالشِّيعَةِ، لَكِنْ مَن كَانَ دَاعِيَةً إلَى هذه البدع لَمْ يُخَرِّجُوا لَهُ)
٥٥٢ - لَمَّا اشْتَهَرَ الْكَلَامُ فِي الْقَدَرِ، وَدَخَلَ فِيهِ كَثِيرٌ مِن أَهْلِ النَّظَرِ وَالْعُبَّادِ: صَارَ جُمْهُورُ الْقَدَرِيَّةِ يُقِرُّونَ بِتَقَدُّمِ الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا يُنْكِرُونَ:
- عُمُومَ الْمَشِيئَةِ وَالْخَلْقِ.
- وَعَن عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ فِي إنْكَارِ الْكِتَابِ الْمُتَقَدِّمِ رِوَايَتَانِ.
وَقَوْلُ أُولَئِكَ: كَفَّرَهُم عَلَيْهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد وَغَيْرُهُمْ.
وَأمَّا هَؤُلَاءِ: فَهُم مُبْتَدِعُونَ ضَالُّونَ، لَكِنَّهُم لَيْسُوا بِمَنْزِلَةِ أُولَئِكَ، وَفِي هَؤُلَاءِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِن الْعُلَمَاءِ وَالْعُبَّادِ كُتِبَ عَنْهُم الْعِلْمُ، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ لِجَمَاعَةٍ مِنْهُمْ، لَكِنْ مَن كَانَ دَاعِيَةً إلَيْهِ لَمْ يُخَرِّجُوا لَهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ فقَهَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ: أَنَّ مَن كَانَ دَاعِيَةً إلَى بِدْعَةٍ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ عَن النَّاسِ، وَإِن كَانَ فِي الْبَاطِنِ مُجْتَهِدًا، وَأَقَلُّ عُقُوبَتِهِ أَنْ يُهْجَرَ فَلَا يَكون لَهُ مَرْتَبَةٌ فِي الدِّينِ، لَا يُؤْخَذُ عَنْهُ الْعِلْمُ، وَلَا يُسْتَقْضَى (١)، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَمَذْهَبُ مَالِكٍ قَرِيبٌ مِن هَذَا، وَلهَذَا لَمْ يُخَرِّجْ أَهْلُ الصَّحِيحِ لِمَن كَانَ دَاعِيَةً، وَلَكِنْ رَوَوْا هُم وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَن كَثِيرٍ مِمَن كَانَ يَرَى فِي الْبَاطِنِ رَأيَ الْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْخَوَارجِ وَالشِّيعَةِ.
وَقَالَ أَحْمَد: لَو تَرَكْنَا الرِّوَايَةَ عَن الْقَدَرِّيَةِ لَتَرَكْنَا أَكْثَرَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ.
(١) أي: لا يكون قاضيًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute