للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[العبادة والعبودية]

٢١٣٧ - " الْعِبَادَةُ": هِيَ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيرْضَاهُ: مِن الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ. [١٠/ ١٤٩]

٢١٣٨ - "الْعِبَادَةُ" أَصْلُ مَعْنَاهَا: الذُّلُّ، يُقَالُ: طَرِيق مُعَبدٌ إذَا كَانَ مُذَلَّلًا قَد وَطِئَتْهُ الأقْدَامُ.

لَكِنَّ الْعِبَادَةَ الْمَأْمُورَ بِهَا تَتَضَمَّنُ مَعْنَى الذُّلِّ وَمَعْنَى الْحُبِّ، فَهِيَ تَتَضَمَّنُ غَايَةَ الذُّلِّ للهِ بغَايَةِ الْمَحَبَّةِ لَهُ، فَإِنَّ آخِرَ مَرَاتِبِ الْحُبِّ هُوَ التَّتْمِيمُ، وَأَوَّلُهُ "الْعَلَاقَةُ"، لِتَعَلُّقِ الْقَلْب بِالْمَحْبُوبِ، ثُمَّ "الصَّبَابَةُ" لِانْصِبَابِ الْقَلْبِ إلَيْهِ، ثُمَّ "الْغَرَامُ" وَهُوَ الْحُبُّ اللَّازِمُ لِلْقَلْبِ، ثُمَّ "الْعِشْقُ"، وَآخِرُهَا "التَّتْمِيمُ"، يُقَالُ: تَيْمُ اللهِ؛ أَيْ: عَبْدُ اللهِ؛ فَالْمُتَيَّمُ الْمُعَبَّدُ لِمَحْبُوبِهِ (١).

وَمَن خَضَعَ لإِنْسَان مَعَ بُغْضِهِ لَهُ لَا يَكُونُ عَابِدًا لَهُ، وَلَو أَحَبَّ شَيْئًا وَلَمْ يَخْضَعْ لَهُ لَمْ يَكُن عَابِدًا لَهُ، كَمَا قَد يُحِبُّ وَلَدَهُ وَصَدِيقَهُ، وَلهَذَا لَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا فِي عِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى؛ بَل يَجِبُ أَنْ يَكُونَ اللهُ أَحَبَّ إلَى الْعَبْدِ مِن كُلِّ شَيْءٍ، وَأَنْ يَكُونَ اللهُ أَعْظَمَ عِنْدَهُ مَن كُلِّ شَيْءٍ؛ بَل لَا يَسْتَحِقُّ الْمَحَبَّةَ وَالذُّلَّ التَّامَّ إلَّا اللهُ. وَكُلُّ مَا أُحِبَّ لِغَيْرِ اللهِ فَمَحَبَّتُهُ فَاسِدَةٌ، وَمَا عُظِّمَ بِغَيْرِ أَمْرِ اللهِ كَانَ تَعْظِيمُهُ بَاطِلًا.

وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ: أَنَّ الْعَبْدَ يُرَادُ بِهِ "الْمُعَبَّدُ" الَّذِي عَبَّدَهُ اللهُ فَذَلَّلَهُ وَدَبَّرَهُ


(١) فالذي يقوم بالعبادة من صلاة وصيام وغيرهما من دون أنْ يكون في قلبه محبّةٌ لله تعالى، ودون أنْ يشعر بغاية الذل والخضوع له، تكون عبادتُه ناقصةً بحسب نقص الحب والذل.

<<  <  ج: ص:  >  >>