للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَصَحُّهَا: "الثَّالِثُ": أَنَّهَا لَيْسَتْ مُرَكَبَةً لَا مِن الْجَوَاهِرِ الْمُفْرَدَةِ وَلَا مِن الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَالصُّوفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ؛ بَل هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُقَلَاءِ. [٩/ ٢٩٨ - ٢٩٩]

* * *

(أَيُّمَا أَفْضَلُ: الْعِلْمُ أَو العقل؟)

٦٨٩ - سُئِلَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ:

أَيُّمَا أَفْضَلُ: الْعِلْمُ، أَو العقل؟

فَأَجَابَ: إنْ أُرِيدَ بِالْعِلْمِ: عِلْمُ اللهِ تَعَالَى الَّذِي أَنْزَلَهُ اللهُ تَعَالَى وَهُوَ الْكِتَابُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [آل عمران: ٦١]: فَهَذَا أَفْضَلُ مِن عَقْلِ الْإِنْسَانِ؛ لِأَنَّ هَذَا صِفَةُ الْخَالِقِ، وَالْعَقْلُ صِفَةُ الْمَخْلُوقِ، وَصِفَةُ الْخَالِقِ أَفْضَلُ مِن صِفَةِ الْمَخْلُوقِ.

وَإِن أُرِيدَ بِالْعَقْلِ أَنْ يَعْقِلَ الْعَبْدُ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ فَيَفْعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ وَيَتْرُكَ مَا نُهِيَ عَنْهُ: فَهَذَا الْعَقْلُ يَدْخُلُ صَاحِبُهُ بِهِ الْجَنَّةَ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِن الْعِلْمِ الَّذِي لَا يَدْخُلُ صَاحِبُهُ بِهِ الْجَنَّةَ؛ كَمَن يَعْلَمُ وَلَا يَعْمَلُ.

وَإِن أُرِيدَ بِالْعَقْلِ (١) الْغَرِيزَةُ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ فِي الْعَبْدِ الَّتِي يَنَالُ بِهَا الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ: فَاَلَّذِي يَحْصُلُ بِهِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِهِ وَغَرِيزَةُ الْعَقْلِ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ. وَالْمَقَاصِدُ أَفْضَلُ مِن وَسَائِلِهَا.

٦٩٠ - الْعَقْلُ يَتَضَمَّنُ الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ، فَمَن عَرَفَ الْخَيْر وَالشَّرَّ فَلَمْ يَتَّبعْ الْخَيْرَ وَيَحْذرِ الشَّرَّ لَمْ يَكُن عَاقِلًا؛ وَلهَذَا لَا يُعَدُّ عَاقِلًا إلَّا مَن فَعَلَ مَا يَنْفَعُهُ وَاجْتَنَبَ مَا يَضُرُّهُ. [١٥/ ١٠٨]


(١) في الأصل: (الْعَقْلُ)، ولعل المثبت أصوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>