وَأُولَئِكَ قَالَ فِيهِم النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلَامِ وَيدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ" (١)، وَهَؤُلَاءِ يُعَاوِنُونَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَأُمَّتِهِ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا أَعَانُوا الْمُشْرِكِينَ مِن التُّرْكِ وَالتَّتَارِ عَلَى مَا فَعَلُوهُ بِبَغْدَادَ وَغَيْرِهَا بِأَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَمَعْدِنِ الرِّسَالَةِ وَلَدِ الْعَبَّاسِ وَغَيْرِهِمْ مِن أَهْلِ الْبَيْتِ وَالْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ وَخَرَابِ الدِّيَارِ.
وَشَرُّ هَؤُلَاءِ وَضَرَرُهُم عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا يُحْصِيهِ الرَّجُلُ الْفَصِيحُ فِي الْكَلَامِ.
فَعَارَضَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ إمَّا مِنَ النَّوَاصِبِ الْمُتَعَصِّبِينَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَإِمَّا مِنَ الْجُهَّالِ الَّذِينَ قَابَلُوا الْفَاسِدَ بِالْفَاسِدِ، وَالْكَذِبَ بِالْكَذِبِ، وَالشَّرَّ بِالشَّرِّ، وَالْبِدْعَةَ بِالْبِدْعَةِ، فَوَضَعُوا الْآثَارَ فِي شَعَائِرِ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَالِاكْتِحَالِ وَالِاخْتِضَابِ وَتَوْسِيعِ النَّفَقَاتِ عَلَى الْعِيَالِ وَطَبْخِ الْأَطْعِمَةِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْعَادَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُفْعَلُ فِي الْأَعْيَادِ وَالْمَوَاسِمِ، فَصَارَ هَؤُلَاءِ يَتَّخِذونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مَوْسِمًا كَمَوَاسِمِ الْأَعْيَادِ وَالْأَفْرَاحِ، وَأُولَئِكَ يَتَّخِذُونَهُ مَأْتَمًا يُقِيمُونَ فِيهِ الْأَحْزَانَ وَالْأَتْرَاحَ، وَكِلَا الطَّائِفَتَيْنِ مُخْطِئَةٌ خَارِجَةٌ عَن السُّنَّةِ، وَإِن كَانَ أُولَئِكَ أَسْوَأَ قَصْدًا وَأَعْظَمَ جَهْلًا وَأَظْهَرَ ظُلْمًا، لَكِنَّ اللهَ أَمَرَ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ.
وَلَمْ يَسُنَّ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ شَيْئًا مِن هَذِهِ الْأُمُورِ، لَا شَعَائِرِ الْحُزْنِ وَالتَّرَحِ، وَلَا شَعَائِرِ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ. [٢٥/ ٣٠٨ - ٣١٠]
* * *
[باب الاعتكاف وأحكام المساجد]
٣١٢٦ - من نذر الاعتكاف في مسجد غير المساجد الثلاثة تعين ما امتاز على غيره بمزية شرعية؛ كقدم، وكثرة جمع. [المستدرك ٣/ ١٨٠]
(١) أخرجه البخاري (٧٤٣٢)، ومسلم (١٠٦٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute