وَمِن هَذَا الْبَابِ قَوْله تَعَالَى عَن نُوحٍ: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [نوح: ٣، ٤].
وَشَوَاهِدُهُ كَثِيرَةٌ.
وَالأَسْبَابُ الَّتِي يَحْصُل بِهَا الرِّزْقُ هِيَ مِن جُمْلَةِ مَا قَدَّرَهُ اللهُ وَكَتَبَهُ:
- فَإِنْ كَانَ قَد تَقَدَّمَ بِأَنَّهُ يَرْزُقُ الْعَبْدَ بِسَعْيِهِ وَاكْتِسَابِهِ: أَلْهَمَهُ السَّعْيَ وَالِاكْتِسَابَ، وَذَلِكَ الَّذِي قَدَّرَهُ لَهُ بِالِاكْتِسَابِ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ الِاكْتِسَابِ.
- وَمَا قَدَّرَهُ لَهُ بِغَيْرِ اكْتِسَابٍ؛ كَمَوْتِ مَوْرُوثهِ يَأْتِيهِ بِهِ بِغَيْرِ اكْتِسَابٍ.
وَالسَّعْيُ سعيان:
أ- سَعْيٌ فِيمَا نُصِبَ لِلرِّزْقِ؛ كَالصِّنَاعَةِ وَالزِّرَاعَةِ وَالتِّجَارَةِ.
ب- وَسَعْيٌ بِالدُّعَاءِ وَالتَّوَكُّلِ وَالْإِحْسَانِ إلَى الْخَلْقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ اللهَ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ. [٨/ ٥٤٠ - ٥٤١]
* * *
(الرِّزْقُ يُرَادُ بِهِ شَيْئَانِ)
٦٤٢ - الرِّزْقُ يُرَادُ بِهِ شَيْئَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْعَبْدُ.
وَالثَّانِي: مَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ، فَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣)} [البقرة: ٣]، وَقَوْلِهِ: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [المنافقون: ١٠]، وَهَذَا هُوَ الْحَلَالُ الَّذِي مَلَّكَهُ اللهُ إيَّاهُ.
وَأمّا الْأوَّلُ: فَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦]، وَقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا" (١) وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(١) رواه ابن ماجه (٢١٤٤)، وصحَّحه الألباني في صحيح ابن ماجه (١٧٥٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute