الْأظْهَرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأْلَةِ: أَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ؛ وَذَلِكَ لِأنَّ الطَّبَقَةَ الثَّانِيَةَ تتلَقَّى الْوَقْفَ مِن الْوَاقِفِ لَا مِن الثَّانِيَةِ، فَلَيْسَ هُوَ كَالْمِيرَاثِ الَّذِي يَرِثُهُ الِابْنُ، ثمَّ يَنْتَقِلُ إلَى ابْنِهِ.
وَإِنَّمَا يَغْلَطُ مَن يَغْلَطُ فِي مِثْل هَذِهِ الْمَسْأْلَةِ حِينَ يَظُنُّ أنَّ الطَّبَقَةَ الثَّانِيَةَ تَتَلَقَّى مِن الَّتِي قَبْلَهَا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَحِقَّ الْأُولَى شَيْئًا لَمْ تَسْتَحِقَّ الثَّانِيَةُ، ثُمَّ يَظُنُّونَ أَنَّ الْوَالِدَ إذَا مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ لَمْ يَسْتَحِقَّ ابْنُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ بَل هُم يَتَلَقَّوْنَ مِن الْوَاقِفِ، حَتَّى لَو كَانَت الْأولَى مَحْجُوبَةً بِمَانِعٍ مِن الْمَوَانِعِ؛ مِثْل أَنْ يَشْتَرِطَ الْوَاقِفُ فِي الْمُسْتَحِقِّينَ أَنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ، او عُلَمَاءَ، أَو عُدُولًا، أَو غَيْرَ ذَلِكَ، وَيَكُونُ الْأَبُ مُخَالِفًا لِلشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَابْنُهُ مُتصِفًا بِهِ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الِابْن وَإِن لَمْ يَسْتَحِقَّ أَبُوهُ.
كَذَلِكَ إذَا مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ ابْنُهُ.
وَهَكَذَا جَمِيعُ التَّرْتِيبِ فِي الْحَضَانَةِ، وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَالْمَالِ، وَتَرْتِيبِ عَصَبَةِ النَّسَبِ، وَالْوَلَاءِ فِي الْمِيرَاثِ، وَسَائِرِ مَا جُعِلَ الْمُسْتَحِقُّونَ فِيهِ طَبَقَاتٍ وَدَرَجَاتٍ، فَإِنَّ الْأَمْرَ فِيهِ عَلَى مَا ذُكِرَ. [٣١/ ٨٠ - ٨٣]
* * *
[هل يجور نقل الوقف من مكان لآخر؟ وما الحكم إذا تعطلت منافعه؟]
٤١٢٦ - إِذَا خَرِبَ مَكَانٌ مَوْقُوفٌ فَتَعَطَّلَ نَفْعُهُ: بِيعَ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ فِي نَظِيرِهِ، أَو نُقِلَتْ إلَى نَظِيرِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا خَرِبَ بَعْضُ الْأَمَاكِنِ الْمَوْقوفِ عَلَيْهَا -كَمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ- عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ عِمَارَتُهُ، فَإِنَهُ يُصْرَفُ رَيعُ الْوَقْفِ عَلَيْهِ إلَى غَيْرِهِ.
وَمَا فَضَلَ مِن رَيعِ وَقْفٍ عَن مَصْلَحَتِهِ: صُرِفَ فِي نَظِيرِهِ أَو مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ مِن أَهْلِ نَاحِيَتِهِ، وَلَمْ يَحْبِس الْمَالَ دَائِمًا بِلَا فَائِدَةٍ، وَقَد كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كُلَّ عَامٍ يُقَسِّمُ كُسْوَةَ الْكَعْبَةِ بَيْنَ الْحَجِيجِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute