للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُخْتَالٍ فَخُورٍ (٢٣)} [الحديد: ٢٣]، وَهُوَ تَصَوُّرٌ بَاطِلٌ، وَسَبَبُهُ: عَدَمُ غِنَى النَّفْسِ بِالْحَقِّ، فَتَعْتَاضُ عَنْهُ بِالْخَيَالِ الْبَاطِلِ. [١٤/ ٢٣]

* * *

الله تعالى يَدْخُلُ فِي الْغَيْبِ الَّذِي يُؤْمَنُ بِهِ وَلَيْسَ هُوَ بِغَائِب:

٥٣٨٤ - سُبْحَانَهُ شَهِيدٌ عَلَى الْعِبَادِ، رَقِيبٌ عَلَيْهِم مُهَيْمِنٌ عَلَيْهِم، لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، فَلَيْسَ هُوَ غَائِبًا، وَإِنَّمَا لَمَّا لَمْ يَرَهُ الْعِبَادُ كَانَ غَيْبًا؛ وَلهَذَا يَدْخُلُ فِي الْغَيْبِ الَّذِي يُؤْمَنُ بِهِ وَلَيْسَ هُوَ بِغَائِب؛ فَإِنَّ الْغَائِبَ اسْمُ فَاعِل مِن قَوْلِك: غَابَ يَغِيبُ فَهُوَ غَائِبٌ، وَاللهُ شَاهِدٌ غَيْرُ غَائِبٍ وَأَمَّا الْغَيْبٌ فَهُوَ مَصْدَرُ غَابَ يَغِيبُ غَيْبًا، وَكَثِيرًا مَا يُوضَعُ الْمَصْدَرُ مَوْضِعَ الْفَاعِلِ؛ كَالْعَدْلِ وَالصَّوْمِ وَالزُّورِ، وَمَوْضِعَ الْمَفْعُولِ؛ كَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَدِرْهَمِ ضَرْبِ الْأَمِيرِ. [١٤/ ٥٢]

* * *

فُرِّقَ فِي الْأَسْمَاءِ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ:

٥٣٨٥ - فُرِّقَ فِي الْأَسْمَاءِ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْي، وَالْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ، فَإِذَا أَمَرَ بِالشَّيءِ اقْتَضَى كَمَالِهِ، وَإِذَا نَهَى عَنْهُ اقْتَضَى الَنَّهْيَ عَن جَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَلهَذَا حَيْثُ أَمَرَ اللهُ بِالنِّكَاحِ- كَمَا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَكَمَا فِي الْإِحْصَانِ- فَلَا بُدَّ مِن الْكَمَالِ بِالْعَقْدِ وَالدُّخُولِ، وَحَيْثُ نَهَى عَنْهُ كَمَا فِي ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ فَالنَّهْيُ عَن كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد الْمَنْصُوصُ عَنْهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَن لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِالْعُقْدَةِ وَالدُّخُولِ، بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْعُقْدَةِ.

وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا حَنِثَ بِفِعْلِ بَعْضِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَيَفْعَلَنهُ، فَإِنَّ دَلَالَةَ الِاسْمِ عَلَى كُلٍّ وَبَعْضٍ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>