للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُوصِي الْعَارِفُونَ وَالشّيُوخُ بِحِفْظِ السِّرِّ مَعَ اللهِ تَعَالَى:

٥٣٨٨ - كمْ مِن صَاحِب قَلْبٍ وَجَمْعِيَّةٍ (١) وَحَالٍ مَعَ اللهِ تَعَالَى قَد تَحَدَّثَ بِهَا وَأَخْبَرَ بِهَا فَسَلَبَهُ إيَّاهَا الْأغيَارُ؛ وَلهَذَا يُوصِي الْعَارِفُونَ وَالشُّيُوخُ بِحِفْظِ السِّرِّ مَعَ اللهِ تَعَالَى، وَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَالْقَوْمُ أعْظَمُ شَيْئًا كِتْمَانًا لِأَحْوَالِهِمْ مَعَ اللهِ عزَّ وجلَّ (٢)، وَمَا وَهَبَ اللهُ [لهم] (٣) مِن مَحَبَّتِهِ وَالْأنْسِ بِهِ وَجَمْعِيَّةِ الْقَلْبِ [عليه] (٤)، وَلَا سِممَا لِلْمُهْتَدِي والسَّالِكِ (٥).

فَإِذَا تَمَكَّنَ أَحَدُهُم وَقَوِيَ وَثَبَتَتْ (٦) أصُولُ تِلْكَ الشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ، الَّتِي أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ فِي قَلْبِهِ، -بِحَيْثُ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ مِن الْعَوَاصِفِ، فَإِنَّهُ إذَا أَبْدَى حَالَهُ مَعَ اللهِ تَعَالَى لِيُقْتَدَى بِهِ ويُؤتَمَّ بِهِ-: لَمْ يُبَالِ (٧).

وَهَذَا بَابٌ عَظِيمُ النَّفْعِ إنَّمَا يَعْرِفُهُ أَهْلُهُ. [١٥/ ١٨]

* * *

[من طرق إقناع النصارى]

٥٣٨٩ - كُنْت أَتَنَزَّلُ مَعَ عُلَمَاءِ النَّصَارَى إلَى أَنْ أطَالِبَهُم بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسِيحِ وَغَيْرِهِ مِن جِهَةِ الْإِلَهِيَّةِ، فَلَا يَجِدُونَ فَرْقًا؛ بَل أُبَيِّنُ لَهُم أَنَ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى مِن الْآيَاتِ أَعْظَمُ، فَإِنْ كَانَ حُجَّةً فِي دَعْوَى الْإِلَهِيَّةِ فَمُوسَى أحَقُّ، وَأَمَّا وِلَادَتُهُ مِن غَيْرِ أَب فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى قُدْرَةِ الْخَالِقِ، لَا عَلَى أَنَّ الْمَخْلُوقَ أَفْضَلُ مِن غَيْرِهِ. [١٥/ ٢٢٨]

* * *


(١) أي: اجتماع قلبه وفكره، وعدم تشتته في هموم الدنيا ومتاعها.
(٢) قال ابن القيِّم رحمه الله: إظهار الحال للناس عند الصادقين: حمق وعجز، وهو من حظوظ النفس والشيطان، وأهل الصدق والعزم لها أستر وأكتم من أرباب الكنوز من الأموال لأموالهم.
(٣) ما بين المعقوفتين من بدائع الفوائد لابن القيم (٣/ ٨٤٧)، ولا يتم ويصح المعنى إلا به.
(٤) ما بين المعقوفتين من بدائع الفوائد لابن القيم (٣/ ٨٤٧)، ولا يتم ويصح المعنى إلا به.
(٥) في الأصل: (وَلَا سِيَّمَا فِعْلهُ لِلْمُهْتَدِي السَّالِكِ)، والمثبت من بدائع الفوائد، وهو أصوب.
(٦) في الأصل: (وَثَبَّتَ)، والمثبت من بدائع الفوائد، وهو أصوب.
(٧) أي: لم يُبال كتمان حاله وإظهاره للمصلحة الراجحة، كان يُقتدى به في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>