للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[معاملة الناس حسب ظواهرهم]

١٠٢١ - من ظهر منه أفعال يحبّها الله ورسوله وجب أن يعامل بما يوجبه ذلك من الموالاة والمحبة والإكرام، ومن ظهر منه بخلاف ذلك عومل بمقتضاه. [المستدرك ١/ ١١٠]

* * *

(يعفى لصاحب المقامات العظيمة ويسامح … )

١٠٢٢ - قال ابن القيم رحمه الله: فَإِنَّهُ يُعْفَى لِلْمُحِبِّ، وَلصَاحِبِ الْإِحْسَانِ الْعَظِيمِ مَا لَا يُعْفَى لِغَيْرِهِ، وَيُسَامَحُ بِمَا لَا يُسَامَحُ بِهِ غَيْرُهُ.

وَسَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ -قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ- يَقُولُ: انْظُرْ إِلَى مُوسَى -صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ- رَمَى الْألْوَاحَ الَّتِي فِيهَا كَلَامُ اللهِ الَّذِي كَتَبَهُ بِيَدِهِ فَكَسَرَهَا، وَجَرَّ بِلِحْيَةِ نَبِيٍّ مِثْلِهِ، وَهُوَ هَارُونُ، وَلَطَمَ عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَفَقَأَهَا، وَعَاتَبَ رَبَّهُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ فِي مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- وَرَفْعِهِ عَلَيْهِ، وَرَبُّهُ تَعَالَى يَحْتَمِلُ لَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَيُحِبُّهُ وَيُكْرِمُهُ وَيُدَلّلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَامَ للهِ تِلْكَ الْمَقَامَاتِ الْعَظِيمَةَ فِي مُقَابَلَةِ أَعْدَى عَدُوٍّ لَهُ، وَصَدَعَ بِأَمْرِهِ، وَعَالَجَ أُمَّتَيِ الْقِبْطِ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَكانَت هَذِهِ الْأمُورُ كَالشَّعْرَةِ فِي الْبَحْرِ.

وَانْظُرْ إِلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى، حَيْثُ لَمْ يَكُن لَهُ هَذِهِ الْمَقَامَاتُ الَّتِي لِمُوسَى، غَاضَبَ رَبَّهُ مَرَّةً، فَأَخَذَهُ وَسَجَنَهُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ، وَلَمْ يَحْتَمِلْ لَهُ مَا احْتَمَلَ لِمُوسَى، وَفَرْقٌ بَيْنَ مَن إِذَا أَتَى بِذَنْبٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَكُن لَهُ مِنَ الْإِحْسَانِ وَالْمَحَاسِنِ مَا يَشْفَعُ لَهُ، وَبَيْنَ مَن إِذَا أَتَى بِذَنْبٍ جَاءَت مَحَاسِنُهُ بِكُلّ شَفِيعٍ، كَمَا قِيلَ:

وَإِذَا الْحَبِيبُ أَتَى بِذَنْبٍ وَاحِدٍ … جَاءَت مَحَاسِنُهُ بِأَلْفِ شَفِيعِ (١)

[مدارج السالكين ١/ ٣٣٧]

* * *


(١) يُستفاد مما قرره الشيخ رحمه الله تعالى أنه ينبغي لمن عُرف بالخير والصلاح والاستقامة أن تُغفر زلته، وتُقال عثرتُه، وتُحفظ له سابقتُه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>