للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْوَاقِفُ عَلَى نِهَايَةِ إقْدَامِهِمْ بِمَا انْتَهَى إلَيْهِ أَمْرُهُمْ. [٥/ ٨ - ١٠]

٤٢٥ - هَذَا كِتَابُ اللهِ مِن أَوَّلهِ إلَى آخِرِهِ، وَسُنَّةُ رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم- مِن أَوَّلهَا إلَى آخِرِهَا، ثُمَّ عَامَّةُ كَلَامِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، ثُمَّ كَلَامُ سَائِرِ الْأَئِمَّةِ: مَمْلُوءٌ بِمَا هُوَ إمَّا نَصٌّ وَإِمَّا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ اللهَ سُبْحانه وتعالى هُوَ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى، وَهُوَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ عَلَى كُل شَيْءٍ، وَأَنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَأَنَّهُ فَوْقَ السَّمَاءِ؛ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: ١٠].

وَفِي الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ وَالْحِسَانِ مَا لَا يُحْصَى إلَّا بِالْكُلْفَةِ؛ مِثْل قِصَّةِ مِعْرَاجِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- إلَى رَبِّهِ، وَنُزُولِ الْمَلَائِكَةِ مِن عِنْدِ اللهِ، وَصُعُودِهَا إلَيْهِ.

فَلَئِنْ كَانَ الْحَقُّ مَا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ السَّالِبُونَ النَّافُونَ لِلصِّفَاتِ الثَّابتَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِن هَذ الْعِبَارَاتِ وَنَحْوِهَا، دُونَ مَا يُفْهَمُ مِن الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إمَّا نَصًّا وَإِمَّا ظَاهِرًا: فَكَيْفَ يَجُوزُ عَلَى اللهِ تَعَالَى ثُمَّ عَلَى رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ عَلَى خَيْرِ الْأُمَّةِ: أَنَّهُم يَتَكَلَّمُونَ دَائِمًا بِمَا هُوَ إمَّا نَصٌّ وَإِمَّا ظَاهِرٌ فِي خِلَافِ الْحَقِّ؟

ثُمَّ الْحَقُّ الَّذِي يَجِبُ اعْتِقَادُهُ لَا يَبُوحُونَ بهِ قَطُّ، وَلَا يَدُلُّونَ عَلَيْهِ لَا نَصًّا وَلَا ظَاهِرًا، حَتَّى يَجِيءَ أَنْبَاطُ الْفرْسِ وَالرُّومِ وَفُرُوخُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْفَلَاسِفَةُ يُبَيِّنونَ لِلْأُمَّةِ الْعَقِيدَةَ الصَّحِيحَةَ الَّتِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَو كُلِّ فَاضِلٍ أَنْ يَعْتَقِدَهَا؟

لَئِنْ كَانَ مَا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمُونَ الْمُتَكَلِّفُونَ هُوَ الِاعْتِقَادُ الْوَاجِبُ، وَهُم مَعَ ذَلِكَ أُحِيلُوا فِي مَعْرِفَتِهِ عَلَى مُجَرَّدِ عُقُولِهِمْ، وَأَنْ يَدْفَعُوا بِمَا اقْتَضَى قِيَاسَ عُقُولِهِمْ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ نَصًّا أَو ظَاهِرًا: لَقَد كَانَ تَرْكُ النَّاسِ بِلَا كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ أَهْدَى لَهُم وَأَنْفَعَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ؛ بَل كَانَ وُجُودُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ضَرَرًا مَحْضًا فِي أَصْلِ الدِّينِ.

فَإِنَّ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ عَلَى مَا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ: إنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ الْعِبَادِ لَا تَطْلُبُوا مَعْرِفَةَ اللهِ عزَّوجلَّ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ مِن الصِّفَاتِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا: لَا مِن الْكِتَابِ وَلَا مِن

<<  <  ج: ص:  >  >>