للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ إذَا كَانَ قَد وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ: فَمِن الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ أُمَّتِهِ وَأَفْضَلُ قُرُونِهَا قَصَّروا فِي هَذَا الْبَابِ، زَائِدِينَ فِيهِ أَو نَاقِصينِ عَنْهُ.

ثُمَّ مِن الْمُحَالِ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْقُرُونُ الْفَاضِلَةُ -الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم- كَانُوا غَيْرَ عَالِمِينَ، وَغَيْرَ قَائِلِينَ فِي هَذَا الْبَابِ بِالْحَقِّ الْمُبِينِ؛ لِأنَّ ضِدَّ ذَلِكَ:

- إمَّا عَدَمُ الْعِلْمِ وَالْقَوْلِ.

- وَإِمَّا اعْتِقَادُ نَقِيضِ الْحَقِّ، وَقَوْلِ خِلَافِ الصِّدْقِ.

وَكِلَاهُمَا مُمْتَنِعٌ. [٥/ ٧ - ٨]

٤٢٤ - لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَالِفُونَ أَعْلَمَ مِن السَّالِفِينَ، كَمَا قَد يَقُولُهُ بَعْضُ الْأَغْبِيَاءِ -مِمَن لَمْ يُقَدِّرْ قَدْرَ السَّلَفِ؛ بَل وَلَا عَرَفَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ حَقِيقَةَ الْمَعْرِفَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا- مِن أَنَّ طَرِيقَةَ السَّلَفِ أَسْلَمُ، وَطَرِيقَةَ الْخَلَفِ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

وَإِن كَانَت هَذِهِ الْعِبَارَةُ إذَا صَدَرَتْ مِن بَعْضِ الْعُلَمَاءِ قَد يَعْنِي بِهَا مَعْنًى صَحِيحًا.

فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعِينَ الَّذِينَ يُفَضِّلُونَ طَرِيقَةَ الْخَلَفِ مِن الْمُتَفَلْسِفَةِ وَمَن حَذَا حَذْوَهُم عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ: إنَّمَا أُتُوْا مِن حَيْثُ ظَنُّوا أَنَّ طَرِيقَةَ السَّلَفِ هِيَ مُجَرَّدُ الْإِيمَانِ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ، مِن غَيْرِ فِقْهٍ لِذَلِكَ، بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّيِّينَ الَّذِينَ قَالَ اللهُ فِيهِمْ: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} [البقرة: ٧٨]، وَأَنَّ طَرِيقَةَ الْخَلَفِ هِيَ اسْتِخْرَاجُ مَعَانِي النُّصُوصِ الْمَصْرُوفَةِ عَن حَقَائِقِهَاْ بِأَنْوَاعِ الْمَجَازَاتِ وَغَرَائِبِ اللُّغَاتِ، فَهَذَا الظَّنُّ الْفَاسِدُ أَوْجَبَ تِلْكَ الْمَقَالَةَ، الَّتِي مَضمُونُهَا نَبْذُ الْإِسْلَامِ وَرَاءَ الظَّهْرِ، وَقَد كَذَبُوا عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ، وَضَلُّوا فِي تَصْوِيبِ طَرِيقَةِ الْخَلَفِ .. لَا سِيَّمَا وَالْإِشَارَةُ بِالْخَلَفِ إلَى ضَرْب مِن الْمُتَكَلِّمِينَ، الَّذِينَ كَثُرَ فِي بَابِ الدِّينِ اضْطِرَابُهُمْ، وَغَلُظَ عَن مَعْرِفَةِ اللهِ حِجَابُهُمْ، وَأَخْبَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>