للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ج - وَلَمَّا أَذْكَرُوهُ أَنَّهُ صَلَّى خَمْسًا سَجَدَهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ.

وَهَذَا يَقْتَضِي مُدَاوَمَتَهُ عَلَيْهِمَا وَتَوْكِيدَهُمَا، وَأَنَّهُ لَمْ يَدَعْهُمَا فِي السَّهْوِ الْمُقْتَضِي لَهَا قَطُّ، وَهَذِهِ دَلَائِلُ بَيِّنَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى وُجُوبِهِمَا، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.

فَقَد تَبَيَّنَ وُجُوبُ سُجُودِ السَّهْوِ، وَسَبَبُهُ: إمَّا نَقْصٌ وَإِمَّا زِيادَةٌ؛ كَمَا قَالَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ": "إذَا زَادَ أَو نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ".

فَالنَّقْصُ: كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ بحينة: لَمَّا تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ سَجَدَ.

وَالزِّيَادَةُ: كَمَا سَجَدَ لَمَّا صَلَّى خَمْسًا.

وَأَمَرَ بِهِ الشَّاكَّ الَّذِي لَا يَدْرِي أَزَادَ أَمْ نَقَصَ.

فَهَذِهِ أَسْبَابُهُ فِي كَلَامِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-:

أ - إمَّا الزِّيَادَةُ.

ب - وَإِمَّا النَّقْصُ.

ج - وَإِمَّا الشَّكُّ.

وَقَد تبَيَّنَ أَنَّهُ فِي النَّقْصِ وَالشَّكِّ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَفِي الزِّيَادَةِ بَعْدَهُ.

وَإِذَا كَانَ وَاجِبًا فَتَرَكَهُ عَمْدًا أَو سَهْوًا -تَرَكَ الَّذِي قَبْلَ السَّلَامِ أَو بَعْدَهُ- فَفِيهِ أَقْوَالٌ مُتَعَدِّدَةٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ:

قِيلَ: إنْ تَرَكَ مَا قَبْلَ السَّلَامِ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِن تَرَكَة سَهْوًا لَمْ تَبْطُلْ كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِ مِن الْوَاجِبَاتِ، وَمَا بَعْدَهُ لَا يَبْطُلُ بِحَال.

وَقِيلَ: إنْ تَرَكَ مَا قَبْلَ السَّلَامِ يَبْطُلُ مُطْلَقًا، فَإِنْ تَرَكَهُ سَهْوًا فَذَكَرَ قَرِيبًا سَجَدَ، وَإِن طَالَ الْفَصْلُ أَعَادَ الصَّلَاةَ .. وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ مِن الَّذِي قَبْلَهُ (١)،


(١) هذا ما اختاره الإمام ابن عثيمين رحمه الله فقد سئل عن رجل نسي التشهد الأول فعلم أنه يجب عليه سجود سهو قبل السلام ولكنه نسي وسلم فما الحكم؟

<<  <  ج: ص:  >  >>